(والتي لم تزل تطرح كأحد الأدلة على أن العلاقات بين أهل البيت(ع) وأولئك الصحابة كانت على أفضل ما يرام، ما ينقض أقوال الشيعة بوجود خلافات عميقة بين الطرفين.)
عزيزي أبو يوسف
هذا الموضوع – موضوع الأسماء والزيجات بين الصحابة وأهل البيت(ع) – مطروح منذ زمان ليس بالقصير، وقد بحثت فيه قليلاً في السابق، وهذه بعض الملاحظات عنه:
(1) بالتأكيد عقلية الأئمة(ع) أوسع بكثير من عقليتنا، فإنهم لا يعادون الأسماء، بل لا يعادون الأشخاص، وإنما يعادون المواقف (وهذا الشيء الذي أحاول أن أقنعك به في أمور أخرى، ولكن يبدو أن الأمر عندما يمس الإنسان ذاته يتغير موقفه). نحن عقليتنا محدودة، ولذلك وصلنا إلى ما نحن فيه.
(2) يحاول هؤلاء أن يقولوا بأن الأسماء أبا بكر، عمر، عثمان، عائشة كانت تعني الخلفاء الثلاثة وأم المؤمنين. إلا أن ذلك ليس مؤكدًا، ذلك أن العديد من الصحابة كانت لهم هذه الأسماء، يتضح هذا بمراجعة الكتب التي ألفت في الصحابة وطبقاتهم. مثلاً بمراجعة كتاب الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني يتضح أن هذا الإسم كان مشهوراً جداً قبل الإسلام وبعده وأكثر من عشرين (20) صحابياً كان اسمهم "عمر" أحدهم هو عمر بن الخطاب. فلماذا لا نقول أن عليًا(ع) سمى ولده تيمنًا بأحد هؤلاء الآخرين؟ خصوصًا وقد ورد عنه(ع) القول أنه سمى أحد أولاده عثمان على الصحابي الشهير الشهيد عثمان بن مظعون، وهو أحد المعذبين في مكة.
(3) إذا كان معنى التسمية أنه لم يكن هناك مشاكل بين الصحابة هؤلاء وأهل البيت(ع) فعلينا أن نلغي التاريخ تمامًا! إذ ماذا نصنع بإتيانهم الحطب إلى باب الزهراء(ع) – بعد يومين من وفاة أبيها(ص)! – والتهديد بتحريق البيت على من فيه، وعندما قيل لقائد الحملة "إن فيه فاطمة" قال: "وإنْ"! وليس ابن قتيبة الدينوري فقيه أهل السنة الشهير شيعيًا ليثبت ذلك في كتابه الشهير الإمامة والسياسة، ولا البخاري شيعيًا (الذي يعتقد أهل السنة أن كتابه صحيح من الجلد للجلد، أو هو تحت القرآن باصبعتين كما يعبر بعضهم) لكي يثبت أن الزهراء(ع) ماتت غضبى على أبي بكر وعمر، وهو نفس الكتاب الذي يثبت حديث النبي(ص) لها: "يرضيني ما يرضيها ويغضبني ما يغضبها"، وطبعًا القرآن يوضح واقع الذي يغضب النبي(ص) فراجعه. وإذا تناسينا كل ذلك، هل نستطيع أن نتجاهل حرب الجمل التي قادتها أم المؤمنين عائشة، وهي أول حرب أهلية بين المسلمين، راح ضحيتها ما بين عشرة إلى ثلاثين ألفًا حسب التقديرات المختلفة. ولا نريد أن نذكر سجودها شكرًا لله يوم جاء خبر مقتل علي(ع) ولا منعها الإمام الحسن(ع) من أن يدفن عند جده(ص) بعد أن سمحت هي بدفن أبيها وصاحبه هناك، وغير ذلك كثير كثير. هل كان ذلك من الحب لأهل البيت(ع)؟!
(4) إذا كانت تسمية أهل البيت(ع) أولادهم بأسماء هؤلاء الصحابة تدل عند البعض على حب أهل البيت(ع) لهم، بحيث لو أنهم لم يسموا أولادهم بأسماء هؤلاء كان ذلك ربما يدل على البغض والكراهية، إذًا يحق لنا أن نسأل: تُرى لماذا لم يسم واحد من هؤلاء الصحابة، واحد فقط، ولو واحدًا من أولاده، عليًا أو حسنًا أو حسينًا أو فاطمة؟! هل هذا من قبيل الحب أيضًا؟!
(5) أما الزواج، وبضمنه زواج النبي(ص) منهم وتزويجهم من بناته(ص)، فهو(ص) كان يتناول الأمور على ظاهرها، وليس بما سيحدث بعد حياته، وهو واضح. على أن هناك ما يرجّح أنه لم تكن غير فاطمة(ع) من بناته وإنما كُنَّ بنات خديجة(ع) من زواجها الأول أو بنات أختها. وعلى كل حال، ما معنى رفض النبي(ص) خطبة أبي بكر وعمر للزهراء(ع) وهو يقول: "أنتظر فيها أمر السماء" وقبوله خطبة علي(ع) بعد ذلك؟
أخيراً، لو اكتفى اسماعيل القادري* بالمسائل السياسية – وإن كان لا يحسنها هي الأخرى – لكان خيراً له، فإن ((قيمة كل امرئ ما يحسنه)) كما جاء في الحديث. ولو شئت فاسأله: لماذا لم يسمّ، ولا يمكن أن يسمي، أحد أولاده، ولم يطلب، ولا يمكن أن يطلب، من أحد أولاده أن يسمي أحفاده باسم كاظم أو باقر أو جعفر مثلاً؟! علمًا أن هؤلاء لم يتكلم عنهم أحد بكلمة سوء واحدة ولم يحاولوا حرق الناس ولم يشعلوا نار الحروب التي أكلت الآلاف.
المحب / غسان
** إسماعيل القادري سياسي عراقي، بعثي سابق، إنظم إلى صفوف المعارضة العراقي في التسعينات، ويبدو أنه منشئ الإيميل أو مرسله إلى الطرف الآخر.
إضافة على الرسالة الأصلية:
(أولاً) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج4 ص134 في ترجمة عمر بن علي بن أبي طالب: "ومولده في أيام عمر ، فعمر سماه بإسمه ، ونحله عبده مورقاً)).
وهو ما ذكره البلاذري في أنساب الاشراف ص192 .
فيتضح من هذا أن الإمام علي(ع) لم يسم ابنه باسم "عمر" ولكن كان عمر هو الذي سماه بهذا الاسم. وهذا أمر يحصل في عادة العرب أن يقوم أحد كبار القوم بتسمية مولود لا سيما إذا كان لكبير آخر من كبار القوم، كنوع من الاحتفاء أو التشريف أو التواصل أو التقرب. وبمجرد أن أطلقت التسمية فإن من الصعب زوالها، وهو أمر كان ولا يزال بحيث نشاهده كثيراً تسمية الكثيرين بأسماء أخرى حتى نسيت أسماؤهم الأصلية.
(ثانياً) الأئمة الآخرون فعلوا الشيء ذاته. مثلاً، سمى الإمام علي بن الحسين(ع) ولداً له باسم "عبيد الله". فهل يعقل أنه كان حباً بعبيد الله بن زياد الذي كان ناراً على شيعتهم(ع)؟