يرى البعض أن ما نشهده اليوم، ونحن في رمضان 1433هـ/صيف 2012م، يشير بشكل واضح إلى أن زماننا هو زمان حركة الإمام المهدي المنتظر(ع)، وذلك بملاحظة نقطة عامة ثم بملاحظة بعض التفاصيل.
أما النقطة العامة فهي أنه للمرة الأولى منذ ورود الروايات عن النبي(ص) وأهل بيته(ع)، أي ما بين إثني عشر إلى أربعة عشر قرناً من الإسلام، تجتمع الأمور الثلاثة التالية:
(الأول) الأوضاع العالمية المضطربة ولا سيما في الاقتصاد، أيضاً في الظواهر الطبيعية؛
(الثاني) أوضاع منطقة الشرق الأوسط المتفجرة والتي تشهد تغييرات كبيرة جداً؛
(الثالث) الروايات عن النبي(ص) وأهل بيته(ع) بخصوص أحداث زمان الظهور.
صحيح أن العالم شهد أحوالاً مضطربة وتشنجات واحتقانات وصلت إلى الحل الأخير وهو الحرب الشاملة، في أماكن مختلفة من العالم، وصولاً إلى الحربين العالميتين في القرن العشرين... وصحيح أن العالم شهد الكثير من الزلازل الهائلة والفيضانات الكبيرة وغيرها من الظواهر الطبيعية في السابق... ولكن العالم لم يشهد مثل هذه الظواهر بعد أن حصلت التغيرات التالية:
(1) الزيادة الهائلة في السكان
(2) الترسانات المخيفة من أشد الأسلحة فتكاً، بحيث أن الذي جرب منها لحد الآن (هيروشيما وناغازاكي) لا يعد شيئاً أمام ما تملكه دول ليست عظمى كالهند وإسرائيل؛ ناهيك عن الأسلحة الجرثومية والكيمياوية والأسلحة السرية باستخدام أنواع الأشعة والتقنيات الحديثة
(3) الارتباط غير المسبوق بين جميع أنحاء العالم بحيث لا يمكن أن يكون أي مكان بمنأى عن أي حدث في مكان آخر
(4) الارتباط غير المسبوق بين العالم الغربي الأكبر تأثيراً في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، لأمرين: النفط وإسرائيل، والثانية – إضافة إلى بعدها الاقتصادي والسياسي – لها بعدها الديني الذي يزيد من التوتر الدائم بين الغرب والمنطقة العربية
(5) الوضع الاقتصادي الصعب في الغرب بالخصوص، والذي يبدو مستحيل الحل دون تغييرات جذرية لا تحصل إلا بأحداث تغييرية واسعة.
وأما أوضاع الشرق الأوسط، فإن التوترات السابقة التي نتج عنها حروب وثورات وانقلابات ليست كما هي اليوم، والذي يشهد لأول مرة ما يلي:
(1) وضعاً اقتصادياً صعباً في بعض البلدان مع ثراء فاحش في بلدان أخرى بعضها صغير حجماً وسكاناً
(2) تهديد بحرب نووية أو مهاجمة مراكز نووية (بين إيران وإسرائيل)
(3) إستقطاب طائفي – سني شيعي – لم يسبق له مثيل من ناحية الشحن ببعده النوعي – التكفيري الذي يستهين بسفك الدماء وارتكاب أبشع المجازر – والكمي – باستثمار آلة الإعلام من جهة وبدخول أطراف خارجية وداخلية عديدة في تهييجه
(4) أوضاع سياسية مضطربة جداً في المنطقة ولا سيما البلدان الأساسية: العراق ومصر وسورية، والتي يتوقع أن تلحق بها السعودية
(5) أخيراً، صلف غير مسبوق في اتخاذ مواقف قلبت النظرة إلى إسرائيل من عدو أصلي تقليدي واضح أشد الوضوح إلى صديق للبعض أو حليف مؤقت أو على أسوأ التقديرات عدو يجب تحييد الصراع معه من أجل تحشيد الطاقات كلها للصراع مع شقيق في الدين وجار تاريخي يقوم العدو الأصلي الأول بمهمة رأس الحربة في التحشيد ضده!
وأما الروايات عن النبي(ص) وآله الأطهار(ع) فإنها وإن كانت محط أنظار المسلمين – ولا سيما الشيعة – من أجل تطبيقها على الواقع السيء عسى أن يأتي الفرج (خصوصاً وأن الشيعة لم يزالوا يتلقون الضربات عبر التاريخ فأكيد ينتظرون الخلاص)، إلا أن الذي حصل معها – أي الروايات – الآن أمران مهمان، بل مفصليان:
(1) إتفاقها الزمني مع ما يجري اليوم مما أشرنا إليه أعلاه
(2) مدى انطباق تفاصيلها مع ما يجري في المنطقة والعالم.
من أمثلة ذلك أن الروايات تتحدث عن أحداث عالمية هائلة:
موت على نطاق واسع، بأسباب مختلفة – الطاعون، ويقصد به الأوبئة بشكل عام، إلا أنه من الملفت أن الطاعون بدأ يعود إلى العالم في السنوات القليلة القادمة؛ الزلازل؛ الحروب.
ومن أمثلة ذلك أن الروايات تتحدث عن مناطق بعينها:
العراق؛ مصر؛ اليمن؛ الحجاز؛ بلاد الشام؛ الجزيرة (أي بادية الشام بين العراق وسورية)؛ بيت المقدس وفلسطين؛ المغرب؛ خراسان.
ومن أمثلة ذلك أن الروايات تتحدث عن أشخاص محددين:
الخراساني؛ اليماني؛ المصري؛ المغربي؛ السفياني؛ الأصهب؛ الأبقع؛ صاحب السفياني؛ الشيصباني (قبل السفياني)؛ مقتل الحسيني في مصر؛ مقتل الحسني في الحجاز؛ موت حاكم الحجاز.
كما تجمع الروايات بين المناطق والأشخاص والأحداث:
دخول الخراساني (أي الإيراني) العراق من الشرق والسفياني من الغرب؛ قدوم السفياني من الغرب ودعم الروم (الغرب) له وأن من الواضح أنه معاد للإسلام والمسلمين؛ من قبل ذلك أن السفياني أو صاحب السفياني ينزل الكوفة (أي العراق) فينادي مناديه بالجائزة لمن يأتيه برأس أي شيعي وأن الجار يثب على جاره فيفعل ذلك ويقبض الثمن.
هذا من غير التوقيتات التي لا تزال في الزمان القادم، كالمدة بين موت حاكم الحجاز وظهور الإمام(ع) في مكة؛ أو المدة التي تستغرقها معارك الإمام المنتظر(ع) منذ بدء حركته في مكة وحتى انتصاره النهائي وهي ثمانية أشهر.
أضف إلى ذلك بعض الأوصاف لأحوال الزمان، من قبيل أن أصحابه(ع) يأتونه على الريح، في إشارة واضحة إلى الطائرات؛ أو أن الدواب المستخدمة في الحرب مصفحة ولها أنوار، في إشارة واضحة إلى الدبابات والمدرعات. كما أنه(ع) عندما يتكلم سيراه أهل المشرق والمغرب، في إشارة واضحة إلى البث التلفزيوني.
وبعيداً عن الروايات، هناك نصوص سورة الإسراء (سورة بني إسرائيل) وكيف أن بعض الباحثين المسلمين يقولون بالتوافق بين عدد الكلمات التي تتحدث عنهم وعدد سنوات دولتهم الأخيرة (الحالية) التي يتحدث عنها علماء اليهود أنفسهم مما عندهم في كتبهم.
وعليه، فحتى الذين يحبون أن يكون انتظارهم انتظاراً سلبياً أن ينظروا في إمكانية أن اتجاه الأمور يسير في غير مصلحة الكسالى، لا سيما وأن بعض من يتخذهم أعداء صار لا يفرق بين الكبير والصغير وحتى الطفل الرضيع.
وأما غير الشيعة فظني أن اليوم يقترب كي يقرر كل مسلم سني لا يجد في قلبه إلا الحب لكل مسلم بغض النظر عن مذهبه، أن يقرر بين الانحياز – كموقف إسلامي عام – إلى آل محمد(ص) وأتباعهم أو الانحياز إلى أعداء آل محمد(ص) وأتباعهم مهما تلبسوا بلبوس الدين.