حتى "لبيك يا حسين" مشكلة
(( 1 )) البعض "لو تشعل إلهُم العشرة شمع ميرضون
عليك"
شباب وشيبة، بعضهم مقطوع اليد أو الساق، معظمهم فقراء لم
يستفيدوا شيئاً من الحكومات الفاشلة، بعضهم يأتي من الهدوء والأمن في الغرب،
يذهبون إلى مناطق أخرى في العراق لا صلة لهم بها إلا صلة
الوطن،
وقد كانوا – ولعدة سنوات – لو يذهبون إليها لا يعودون،
يذهبون يقاتلون قطعان من الهمج المتوحشين الوهابية،
صنيعة إسرائيل وأمريكا قطعاً،
استباحوا كل شيء – الأرض والمال والعرض،
ويقومون بأبشع الجرائم، بحيث أرعبوا المواطنين فصاروا
نازحين مشردين كما يرى الجميع.
الملايين ينتظرون الهجوم لتحرير الأنبار وإعادة أهلها
المشردين النازحين،
والسياسيون الخونة يصرحون من أربيل وعمان، وبعضهم من
بغداد من البرلمان نفسه،
ضد المتطوعين، ويرفضون دخوله الأنبار؛
ولكن شيوخ العشائر وشيوخ دين والناس من العامة يطالبون
الدولة بتحرير محافظتهم؛
فمسؤولية الدولة هي التحرير وإعادة الناس إلى ديارهم شاء
من شاء وأبى من أبى.
أخيراً،
وافقوا على اشتراك الحشد الشعبي – المتطوعين –،
أي امتنوا على المتطوعين المخلصين بالموافقة على بذلهم
التضحيات حتى ذهاب الأنفس!
لا بأس، لماذا لا يتدلل هؤلاء السياسيون الخونة في هذا
العراق العجيب الذي يقبل بكل هذه المهازل.
(( 2 )) وإذا بالمصيبة الكبرى والداهية العظمى تحصل:
رفع الحشد شعار "لبيك يا حسين"!
اليوم بالذات، تقرير قناة "سكاي"، نعم
"سكاي" العربية،
وهي ليست قناة مسلمة ولا عربية، بل صهيونية يملكها
صهيوني روبرت مردوخ كما هو معروف،
تغطي الخبر بتقرير معنون "شعارات طائفية"!
الصهاينة "شاكّين زِيكهُم" على العراق والنهج
الطائفي للحشد الشعبي!
(( 3 )) لماذا هذا الشعار طائفي؟
لأنهم ركزوا في عقولهم أن هتافات الشيعة "لبيك يا
حسين" تعني طلب الثأر من أهل السنة!
قبل سنوات، كتب الداعية السعودي الوهابي د. عائض القرني
مقالاً بعنوان "من قتل الحسين؟"،
(عائض القرني يتمتع بقبول في محاضراته، وله شهرة كبيرة
ما جعل بعض كتبه – وهي بسيطة جداً برأيي – توزع بملايين النسخ)،
ورددت عليه بما أقتطع منه ما يلي:
(( 4 )) قال ذلك المفتري:
"لماذا ندفع الفاتورة منذ قُتل الحسين إلى الآن من دمائنا
ونسائنا وأبنائنا
بحجة أننا رضينا بقتل الحسين ونحن في أصلاب آبائنا وفي بطون أمهاتنا؟!
لقد استباح ابن
العلقمي بغداد بحجة الثأر للحسين،
والآن تُهدَّم المساجد في العراق ويُقتل الأئمة وتُبقر بطون الحوامل
وتحرَّق الجثث
ويُختطف الناس من بيوتهم وتُغتصب العذارى بحجة الثأر للحسين،
متى
تُكف المجزرة الظالمة الآثمة التي أقامها الصفويون ضد كل مسلم ومؤمن تحت مظلة الثأر للحسين؟"
قلت (غسان):
"أسأله
هنا: متى دفع هو وأبناء جلدته فاتورة قتل الحسين وهذه الدول التي
قامت طيلة التاريخ الأسلامي تضطهد أولياء الحسين وأتباعه
كما عرف ذلك أصغر المؤرخين.
أما أكذوبة
ابن العلقمي فقد فندها الباحثون رادين بذلك على أفتراءات ابن
تيمية (شيخ القرني)، وإلا فهل كان التتار سيتوقفون على استباحة
بغداد لولا ابن العلقمي. ثم لماذا قتل ابن العلقمي مع الخليفة
والأخرين
يا أولى الألباب؟!
أما أن يجعل
ما يحدث في العراق الآن مختصاً فقط بطائفته فهذا من الجرأة بل الوقاحة لأننا
نشهد ذلك بالصوت والصورة ولم يعد هناك كذابون كأبن تيمية يسطرون ما شاؤوا في
الكتب ويخدعون الناس".
(( 5 )) ثم يعلن – القرني – إعلاناً هو أقرب الى النكتة من الحقيقة،
حيث قال:
"نحن أولى بالحسين ديناً وملَّة، ونسباً وصهراً، وحباً وولاءً، وأرضاً وبيتاً، وتاريخاً وجغرافيا، ارفعوا
عنّا سيف العدوان، فنحن الذين اكتوينا بقتل
الحسين، وأُصبنا في سويداء قلوبنا بمصرع الحسين"!
قلت (غسان):
"كيف
يتوافق هذا الادعاء العريض مع اتباعه الأئمة الآخرين وعدم أخذه بالحسين
والائمة من اولاد الحسين بشيء لا في اصول الدين ولا فروعه ولا
فقهه ولا اخلاقه ولا سيرته...
ولو كان
أولى
نسباً وصهراً لما تبرأ من الحكام الصفويين وهم الذين أجبروا الفرس على التحول من
مذهب الإمام الفارسي أبي حنيفة إلى مذهب أهل البيت (ع) وهم سادة العرب في الوقت
الذي يوالي من كان قبلهم من حكام ايران الفرس، بل لكان انقطع في
العلم
الى علي وآل علي سادة العرب بدلاً من أئمة من الفقهاء والمحدثين وجلهم من
الفرس.
ولكنه لم
يستطع ان يذكر حتى يزيد ابن معاوية بسوء ناهيك عن ابيه معاوية الذي
اشرع السيوف والرماح في قتال علي والحسن والحسين، بمعنى لو انه لظفر
بهم
لقتلهم...
ولو كان اولى
ارضاً وبيتاً لما أصطف مع الذين يفجرون اجسادهم الخبيثة عند مراقد
الحسين واولاد الحسين."
(( 6 )) ثم
قلت موجهاً الكلام إلى من ينشرون مثل كلام القرني هذا:
"أقول
عجب وأي عجب ان يحتاج العراقيون المتعلمون المثقفون اصحاب الخبرات
الطويلة الى شخص سعودي لعله لا يعرف عن العراق شيئاً كثيراً ليحلل
لهم ما يجري في العراق وهم الذين عاشوا عشرات السنين ولم يروا ولم يسمعوا ولم
ينقل اليهم أن سنياً واحداً قتله الشيعة بدعوى ثارات الحسين كما
افترى عايض القرني في مقاله. بل الآن وفي أثناء هذا القتل الطائفي
المفتعل
أتحدى القرني ومن يردد كلامه ان يأتيني بحادثة واحدة قتل فيها سني واحد تحت
شعار
الثأر للحسين.
لو أن بعض
المواكب الحسينية المليونية أرادت ان تطبق على منطقة ما
لاستطاعت بكل سهولة... ولكن هؤلاء الملايين الموالين لأهل البيت الموالاة
الحقة
يستمعون كل يوم تحت منابر المآتم التي يرفضها القرني سيرة أهل البيت في العفو
والصفح.
ولكن هذا لا أظن ان القرني ومن قبله أشياخه محمد عبد
الوهاب، الذي استباح المسلمين في الجزيرة العربية وغيرها، وابن تيمية صاحب
فتاوى
التكفير والتفسيق، واحبابه من ابن لادن ومن شاكلته، لا أظن ان هؤلاء يستطيعون
فهم
هذه الروحية العالية...
فيا ايها
العراقيون الذين يرددون ويتداولون كلام هؤلاء الغرباء عن فكرنا
وواقعنا أقول: فكروا بعقولكم لا بآذانكم."
(( 7 ))
أخيراً:
الدنيا
بأسرها تستخدم سائر الهتافات والشعارات و "الهوسات" عند الحرب لرفع
المعنويات، فإذا كان شعار "لبيك يا حسين" يرفع معنويات الحشد الشعبي فأي
ضرر في هذا؟
ولكن، ها...
الضرر: هو
تحرير الأنبار نفسه!