ثقافة التسامح عند السّجّاد (ع)
1 من 2
من هو السجاد (ع) ، من رسالة الحقوق ، من أدعية الصحيفة
***
في أيام عاشوراء الفائتة والمنشورات المتنوعة
المتعلقة بها، جاءني الاقتراح التالي من الأخ العزيز الكبير الصديق د. عصام عجينة:
"السلام عليكم .. يذكر
الشيخ الوائلي رحمه الله ان من ضمن الأمور الكبيرة التي عملها الامام السجاد ع هي
" مسامحة او تحديد حالة الكره العارمة لمن شارك في قتل الامام الحسين ع و
عوائلهم وأهليهم Reconciliation " .. يا حبذا لو يتم
تسليط الضوء على هذا الامر .."
***
في هذه الأيام من ربيع الأول، حيث ذكرى ميلاد سيد المرسلين (صلى الله عليه
وآله)، وهو الجامع للمسلمين في حال التشتت والصراع والاقتتال المشتعل والذي يريد
أعداء الأمة، داخليون وخارجيون، إشعاله أكثر فأكثر،
نحن في أشد الحاجة إلى "ثقافة التسامح"،
وهي التي سنحاول استلهامها من أقوال وأفعال إمامنا علي بن الحسين (ع).
***
من هو السّجّاد؟
الإمام الرابع من أئمة الهدى من آل
محمد (صلى الله عليه وآله) علي بن الحسين المعروف بالسّجّاد أو زين العابدين
(38-95 هـ) (والكنيتان تدلان على كثرة السجود ومستوى العبادة التي كانت منه سلام
الله عليه).
ومثل باقي أئمة الهدى (عليهم
السلام) فقد تميز بأمور عن غيره منهم (ع):
1- فاز
بطفولة أولى في حياة جده أمير المؤمنين (ع).
2- عاصر
إمامة عمه الحسن (ع)، من الصلح وحتى الوفاة بالسم، والسجاد (ع) بعمر 12 عاماً، وهي
مدة تحول كبيرة في المسلمين، جرى فيها صراع شديد أسس لواحد من أهم معالم ما نحن
فيه – بين الحقيقة والزيف – حيث كانت جبهة الإمام الحسن (ع) تنشط في نشر حقيقة أهل
البيت (ع) ولا سيما علي (ع) مستفيدة من واحد من أهم بنود الصلح وهو عدم التعرض
لشيعة علي (ع)، بينما تنشط جبهة معاوية في كتمان هذه الحقائق إما بالمنع المباشر
من التحديث بها أو بالتشجيع الكبير على اختراع ما يعارضها في صحابة آخرين.
3- عاصر
إمامة أبيه الحسين (ع) في عشرتها الأولى قبل كربلاء، وكيف أن أباه (ع) علم الناس
المحافظة على طاعة أولي الأمر (ع) حيث استمر في طاعته لصلح أخيه الحسن (ع) مع
الباغي، وهي نفسها المحافظة على العهود حتى مع شرار الخلق.
4- عاصر تلك
المدة المهمة جداً وفيها يسمع كل يوم عن أحد كبار شيعة علي (ع) وهم يتعرضون
للملاحقة فالسجن فالقتل (ما سطره بعضه الحسين (ع) في رسالة مهمة له إلى الباغي).
5- شهد تهيئة
أبيه (ع) لذلك اليوم الخالد، يوم عاشوراء، منذ رفضه بيعة اللعين وحتى وقوفه في
كربلاء، مروراً بخروجه إلى مكة ثم خروجه من مكة إلى العراق.
6- شهد يوم
عاشوراء بتفاصيله المعروفة – وإن كان "الحَجِي ليسَ الشُّوف" كما كانت
المرحومة أمي تقول عن الحدث الذي غاب سامعه، فإن ما سمعناه وقرأناه هو شيء بسيط
مما شاهده السجاد (ع) بنفسه، وهو ينظر إلى ما يفعله الظالمون بأبيه وإخوته وبني
عمومته وخيرة الأصحاب وما يفعلونه بخيام النساء والأطفال والتي كان طريح المرض في
إحداها.
تلك الأفعال التي يذكر ما بقي يؤلمه منها فلا يستطيع الإمساك بدموعه في
مآقيها، عندما يعاتبه أبو حمزة الثمالي (رض) على بكائه:
"ما هذا البكاء؟
أما آن لحزنك أن ينقضي؟ إنّ القتل لكم عادة وكرامتكم من الله الشهادة"؛
فيجيبه الإمام
(ع) موضحاً:
((شكر الله سعيك
يا أبا حمزة، كما ذكرت، إنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، ولكن يا أبا
حمزة هل سمعت أذناك أو رأت عيناك أنّ امرأة منّا أسرت أو هتكت قبل يوم عاشوراء؟!
والله يا أبا حمزة ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلا وذكرت فرارهنّ في البيداء من
خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء، والمنادي ينادي أحرقوا خيام
الظالمين))".
7- شهد السبي
إلى الكوفة، ثم إلى الشام، والبقاء أسابيع في الشام، ثم العودة إلى المدينة مروراً
بكربلاء.
8- عاش بعدها
34 سنة صعبة، يتحكم فيها في المسلمين ملوك بني أمية، مع سائر الانتهاكات، والتي
تضمنت استباحة المدينة المنورة ومهاجمة مكة وضرب الكعبة بالمنجنيق والنار مرة على
عهد اللعين يزيد ومرة على عهد عبد الملك بن مروان، ما سائر الانتهاكات على
المستويين الشخصي والعام.
***
فكيف تعامل مع هذا كله؟
هل بالحقد والبغضاء والكراهية، أم
بعكسها تماماً؟
فيما يلي لقطات متنوعة من رد فعل
الإمام (ع) على كل ما جرى عليه وعلى أسلافه الطاهرين (ع) وعترته الأدنين، لترسم
لنا صورة كيف يفعل إمام الحق من جهة، وكنتيجة، كيف يجب أن نتعامل مع الآخرين –
سائر الآخرين – من جهة أخرى.
إنها "ثقافة التسامح"
التي ألفت نظرنا إليها أخونا الكبير د. عصام عجينة حفظه الله في رسالته.
***
1- من رسالة الحقوق
(وهي رسالة له (ع) فيها أنواع الحقوق الواجبة
على الإنسان، لا ينبغي أن يفوت الباحث في علاقة الإنسان بنفسه وربه والخارج كله
الاطلاع عليها.) منها حقّان للآخر الخصم الذي رفع ضدك قضية والآخر الخصم الذي رفعت
أنت عليه قضية.
37- وأما حق الخصم
المدعي عليك فإن كان ما يدعي عليك حقاً لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في إبطال دعوته
وكنت خصم نفسك له والحاكم عليها والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود. فإن ذلك حق
الله عليك وإن كان ما يدعيه باطلاً رفقت به وروعته وناشدته بدينه وكسرت حدته عنك
بذكر الله وألقيت حشو الكلام ولغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه وبه
يشحذ عليك عداوته، لأن لفظه السوء تبعث الشر. والخير مقمعة للشر، ولا حول ولا قوة
إلا بالله.
= الموعظة:
أنصف الناس من نفسك بحيث تعطيهم حقوقهم دون عناد.
خذ حقك منهم بالكلمة الطيبة والتذكير بالله تعالى وعدم اللجوء
إلى التهجم.
توكل على الله في جميع ذلك.
38- وأما حق الخصم المدعي
عليه فإن كان ما تدعيه حقاً أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى, فإن للدعوى غلطة في
سمع المدعي عليه وقصدت قصد حجتك بالرفق وأمهل المهلة وأبين البيان وألطف اللطف ولم
تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال فتذهب عنك حجتك ولا يكون لك في ذلك درك,
ولا قوة إلا بالله.
= الموعظة:
أطلب حقك من الناس برفق ولطف مع تفهّم ظروفهم.
دع القال والقيل في المنازعة.
توكل على الله في جميع ذلك.
***
2- أدعية الصحيفة / الخيمة العامة "أهل ديننا"
الدعاء 45 وداع شهر رمضان
يقول الإمام (ع) فيه:
((اللهم تجاوز عن آبائنا وأمهاتنا وأهل ديننا جميعاً
من سلف منهم ومن غبر إلى يوم القيمة)).
= الموعظة:
أن نحتوي في قلوبنا جميع المسلمين، لأنهم "أهل
ديننا"، لا سيما بالتأكيد "جميعاً".
الاحتواء بأعظم ما يكون، وهو الطلب من الله أن يتجاوز عنهم.
التسامح من السجاد (ع) في أقصاه ها هنا، فينبغي لنا الائتمام
به.
***
(يتبع / من أدعية الصحيفة ، مواقف عملية ، في الحياة اليومية)
ثقافة التسامح عند السّجّاد (ع)
2 من 2
من أدعية الصحيفة ، مواقف عملية ، في الحياة اليومية
***
3- أدعية الصحيفة / الدعاء لجيش الدولة المسلمة
الدعاء 27 دعاء أهل الثغور
هذا العبد الصالح كان الشاهد على مجزرة كربلاء ورأى
بعينيه ما فعلوه بأبيه وإخوته وبني عمومته وأصحابهم الأبرار، وعليه فإنه يتعامل مع
هذه الجيوش – في دعائه لها – كجيوش إسلامية وليست جيوشاً أموية... فلنستمع إليه في
هذا الدعاء.
سأختار منه لقطات تتعلق بدعائه لتأييد الثغور
وتوجيهاته إلى أفراد الجيش الإسلامي...
يدعو (ع) في دعائه لتحصين الثغور ولتكثير العدة
والعدد وتقوية الرأي:
((اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ
الْمُسْلِمينَ بِعِزَّتِكَ، وَأَيِّدْ حُماتَها بِقُوَّتِكَ، وَأَسْبِغْ
عَطاياهُمْ مِنْ جِدَتِكَ.
أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَكَثِّرْ
عِدَّتَهُمْ، وَاشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ، وَاحْرُسْ حَوْزَتَهُمُ، وَامْنَعْ
حَوْمَتَهُمْ، وَأَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَدبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَواتِرْ بَيْنَ
مِيَرِهِمْ، وَتَوَحَّدْ بِكِفايَةِ مُؤَنِهِمْ، وَاعْضُدْهُمْ بِالنَّصْرِ،
وَأَعِنْهُمْ بِالصَّبْرِ، وَالْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ.
أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ،
وَعَرِّفْهُمْ مايَجْهَلُونَ، وَعَلِّمْهُمْ ما لايَعْلَمُونَ، وَبَصِّرْهُمْ ما
لا يُبْصِرُونَ.))
ثم يدعو (ع) بالإسناد النفسي للمرابطين والمقاتلين:
((اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ،
وَأَنْسِهِمْ عِنْدَ لِقائِهِمُ الْعَدُوَّ ذِكْرَ دُنْياهُمُ الْخَدَّاعَةِ
الْغَرُورِ، وَامْحُ عَنْ قُلُوبِهِمْ خَطَراتِ الْمالِ الْفَتُونِ، وَاجْعَلِ
الْجَنَّةَ نَصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَلَوِّحْ مِنْها لأبْصارِهِمْ ما أَعْدَدْتَ
فيها مِنْ مَساكِنِ الْخُلْدِ، وَمَنازِلِ الْكَرامَةِ، وَالْحُورِ الْحِسانِ،
وَالأنْهارِ الْمُطَّرِدَةِ بِأَنْواعِ الأشْرِبَةِ، وَالأشْجارِ الْمَتَدَلِّيَةِ
بِصُنُوفِ الثَّمَرِ، حَتّى لايَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالإدْبارِ، وَلا
يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ بِفرِار.))
ويقول (ع) في إشارة إلى تقوية الوطن الإسلامي والغاية
السامية منه:
((اللّهُمَّ وَقَوِّ بِذلِكَ مَحالَّ أَهْلِ الإسْلامِ،
وَحَصِّنْ بِهِ دِيارَهُمْ، وَثَمِّرْ بِهِ أَمْوالَهُمْ، وَفَرِّغْهُمْ عَنْ
مُحارَبَتِهِمْ لِعِبادَتِكَ، وَعَنْ مُنابَذَتِهِمْ لِلْخَلْوَةِ بِكَ، حَتّى لا
يُعْبَدَ في بِقاعِ الأرْضِ غَيْرُكَ، وَلا تُعَفَّرَ لأحَد مِنْهُمْ جَبْهَةٌ
دُوَنَكَ.))
= الموعظة:
يدعو (ع) لتحصين ثغور "المسلمين"، أي من جميع
القوميات والطوائف.
لا شك في أن الذين يقفون في جبهات القتال بإزاء أعداء الأمة أو
الذين يحرسون الحدود هم من قوميات ومذاهب وطوائف متعددة، وها هو الإمام (ع) يدعو
لهم أعظم الدعاء، وبالتفاصيل لحاجاتهم النفسية والمعيشية والعسكرية.
يدعو لمناطق وديار المسلمين كلهم بالقوة والتحصين والثمرات من
أجل الهدف الأسمى – عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.
هذا كله والإمام (ع) لم ينظر لما فعله جيش من هذه الجيوش، بإمرة
بعض من سنخ قادتهم، يوم عاشوراء ولا ما بعده. فهذا منهج تسامح مع الدولة ومؤسستها
العسكرية بعنوانها الإسلامي العام.
***
4- موقف عملي 1 / الموقف من الشامي في الشام
عندما كان الإمام (ع) في الشام (بعد السبي من
كربلاء)، قابله شيخ من أهل الشام بالقول: "الحمد لله الذي أهلككم، وأمكن
الأمير منكم!"
نظر إليه (ع) وقال بهدوء: ((يا شيخ قرأت القرآن؟))
أجاب: "بلى".
فسأله (ع): ((أقرأت قوله تعالى: ((قل لا أسألكم
عليه أجراً إلا المودة في القربى)) وقوله تعالى: ((وآت ذا القربى حقه)) وقوله
تعالى: ((واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى))؟))
أجاب
الشيخ: "نعم قرأت ذلك".
قال
له الإمام:
((نحن والله القربى في هذه الآيات، يا شيخ قرأت قوله تعالى: ((إنما
يريد الله ليذهب عنك الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً))؟))
أجاب:
"بلى".
قال
(ع): ((نحن أهل البيت الذين خصهم الله بالتطهير)).
فتساءل
الرجل متعجباً: "بالله عليك أنتم هم؟!"
فأجاب
(ع): ((وحق جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنا لنحن هم من غير شك))!
فألقى
الشيخ بنفسه على الإمام (ع) يقبل يديه ودموعه تجري على وجهه وهو يقول:
"أبرأ إلى الله ممن قتلكم!"
ثم
طلب العفو، فعفا الإمام (ع) عنه.
= الموعظة:
تفهّم أن الكثيرين مخدوعون، لا يعرفون حقيقة أهل البيت (ع).
التلطّف في الكلام حتى مع من يتهجم عليك.
نشر المعرفة من كتاب الله تعالى، فهذا لا يرد من مسلم مخلص مهما
كان خلافه.
لا عتاب ولا تعنيف.
***
5- موقف عملي 2 / الموقف من مروان بن الحكم
في واقعة الحَرّة عندما
ثار أهل المدينة على بني أمية هرب بنو أمية من المدينة إلى الشام ويظهر أن مروان
بن الحكم لم يستطع في تلك العجالة أن يحمل معه عائلته ومنهم امرأته عائشة بنت
عثمان بن عفان، فطلب من عبد الله ابن عمر أن يؤوي أهله عنده فرفض ذلك، فكلّم مروان
الإمام السجاد (ع) وقال: "يا أبا الحسن إن لي رحماً وحرمي تكون مع
حرمك؟" قال الإمام (ع): ((فعل)). فعندما جاءت عائلة مروان أخذها الإمام سلام
الله عليه مع أهله إلى مكان أمين بيَنبُع (تاريخ الطبري ج4 ص372، وبحار الأنوار
ج46 ص138).
أقول: سلام عليكم بما
صبرتم فنعم عقبى الدار، سلام عليكم أيتها النفوس الطاهرة التي لا تعرف الحقد ولا
الكراهية ولا الانتقام ولا التشفّي. من أسوأ من مروان، ومن أكثر مصيبة من السجّاد
(ع) الذي كان الشاهد العيان على مجزرة كربلاء، قتل أبيه (ع) وإخوته وأعمامه وبني
عمومته وأصحاب أبيه (ع) وعمه الحسن (ع) وجده علي (ع) الأبرار، وحرق الخيام ومنع
الماء والسبي إلى الكوفة ثم الشام ورأس أبيه الحسين (ع) وعمه العباس (ع) على
الرماح، وإذا به يستجيب لطلب مروان هذا دون تردد! بل إن مروان ما كان ليخطر بباله
أنه (ع) يمكن أن يوافق لولا علمه بنفسه الطاهرة المبرءة من الأحقاد. فالحمد لله
الذي جعلنا من مواليكم.
= الموعظة:
القيام بواجبك الأخلاقي دون النظر إلى الشخص الآخر.
القيام بواجبك الأخلاقي تجاه عوائل الأعداء مهما كان قد حصل من
أولئك الأعداء.
فأي تسامح هذا من إمامنا زين العابدين (ع) مع واحد من شر الناس
وأشدهم عداوة لآل محمد (ص).
***
6- في الحياة اليومية
لقطات متنوعة...
الأولى /
روي أنّ شخصاً شتمه (ع) فقال: ((يا فتى إنّ بين أيدينا عقبة
كؤوداً فإن جزت منها فلا اُبالي بما تقول، وإن أتحيّر فيها فأنا شرّ ممّا تقول!))
= الموعظة:
الإعراض عن الشاتمين.
القيام بصدمتهم أخلاقياً.
نقل الشاتم إلى أفق آخر تماماً، هو الأهم من مشاكسات الدنيا.
الثانية /
وروي انّه كانت
جارية تسكب على يدي الإمام السجّاد (عليه السلام) الماء، فنعست فسقط الإبريق من
يدها فشجّه، فرفع رأسه إليها فقالت: إنّ الله تعالى يقول: ((وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ)).
قال: قد كظمت
غيظي.
قالت:
((وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ)).
قال: عفا الله
عنك.
قالت: ((وَاللهُ
يُحِبُّ المُحْسِنِينَ)).
قال (ع): ((إذهبي فأنتي حرّة لوجه الله!))
= الموعظة:
التسامح مع هذه المزعجات والآلام اليومية المتنوعة.
استثمار الفرصة للقيام بشكر الله تعالى على البقاء ثابتاً دون
اهتزاز نتيجة المزعجات. وأي شكر أعظم من فك رقبة؟
الثالثة /
وروي أن رجلاً
سبّه (ع) – نعوذ بالله -، فسكت (ع)؛
فأصر الرجل
بالتوكيد: "إيّاك أعني!"
فقال (ع): ((وعنك أغضي!))
= الموعظة:
هناك من الناس من احترقت قلوبهم بالسواد فلا يجدي معهم الكلام.
مع هذا، التسامح مع ما صدر منهم.
(إنتهى)