متى ليلة القدر؟
إتفاق الروايات من طرق السنة والشيعة يشير
إلى أنها ليلة 23...
(دون إهمال غيرها.)
فلا تفوتن الحاضرين لأجل مخالفة
السابقين للآل الطاهرين.
وإليكم التفصيل.
***
( أولاً ) عند أهل السنة
أما من طرق أهل السنة فقد اختلفت
الروايات اختلافاً كبيراً، فإن ليلة القدر:
- تطلب في الـ 10 ليالي الأواخر
- تطلب في ليالي "الفرد" من الـ 10 الأواخر
- ليلة 27
- وأيضاً ليلة 23،
نعم
ليلة 23 – كيف؟
فقد أخرج رواية "الجهني" مجموعة
من كبار أئمة الحديث عند أهل السنة، ما جعل صحة حديث الجهني لا يمكن تجاوزها أو
إهمالها.
هذا ما قاله الشريف عداب الحمش أحد
كبار علماء الحديث الشريف في عصرنا:
"وله (أي ضمرة الجُهَنِي) رواية أخرى في شرح
معاني الآثار (4263) قال: حدثنا روح بن الفرج قال: حدثنا أبو زيد بن أبي القمر قال
ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه قال : كنت جالساً مع أبي على الباب إذ مر بنا
[ضمرة] بن عبدالله بن أُنيس الجُهنيّ، فقال له أبي: ما سمعت من أبيك، يذكر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، في ليلة القدر؟
فقال: سمعت أبي يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت
يا رسول الله، إني رجل تنازعني البادية، فمُرني بليلةٍ آت فيها المدينة! فقال:
إيتِ في ليلة ثلاثٍ وعشرين.
وهذه الرواية أخرجها أبو داود (1379) والطبراني في الأوسط
(2858) والبيهقيّ في شعب الإيمان (3676) من حديث الزهريّ عن ضمرة بن عبدالله بن
أنيس، بنحوه.
وأخرجها أبو داود من طريق محمد بن إبراهيم التيميّ عن ضمرة
(1380).
ومن طريق محمد بن جعفر بن الزبير (1249).
ولا شكّ في أنّ روايةَ ثلاثةٍ من الثقات عن راوٍ، لم يجرح، ولم
يأت بمتن منكر؛ لممّا يقوّي أمره.
وضمرة هذا؛ ليس له في الكتب التسعة، سوى هذا الحديث الواحد."
(إنتهى)
وهذا يعني أن تحديد ليلة 23
أنها ليلة القدر رواه أحد أصحاب ما يسمى "الصحاح الستّة" وهو أبو داوود
السجستاني في "سنن أبي داوود"، كما روته كتب الحديث المعتبرة عند أهل
السنة.
***
( ثانياً ) عند شيعة أهل البيت (ع)
روي قول الإمام الصادق (ع) جواباً
لمن سأله عنها:
((أطلبها في تسع عشرة وإحدى
وعشرين وثلاث وعشرين)).
وفي الكافي عن زرارة، توضيح دور
كل من هذه الليالي الثلاث، قال:
"قال أبو عبد الله (أي
الصادق) عليه السلام: ((التقدير في تسع عشرة، والابرام في ليلة إحدى وعشرين،
والامضاء في ليلة ثلاث وعشرين))".
وفي هذا اتفاق أهل البيت (ع) -
فقد روي عن الإمام علي (ع) ((أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يطوي
فراشه، ويشد مئزره، في العشر الأواخر من شهر رمضان، وكان يوقظ أهله ليلة ثلاث
وعشرين، وكان يرش وجوه النيام بالماء، في تلك الليلة)).
وروي أن فاطمة الزهراء (ع) كانت ((لا تدع أحداً من أهلها ينام تلك الليلة،
وتداويهم بقلّة الطعام، وتتأهب لها من النهار، وتقول: محروم من حرم خيرها)).
وعن الإمام الباقر (ع) ((أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يغفل عن
ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، أو ينام أحد تلك الليلة)).
قال الإمام محمد الباقر عليه السلام: من أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت
ذنوبه عدد نجوم السماء،
وعن الإمام الرضا (ع): ((وإن استطعت أن تحيي هاتين الليلتين الى الصبح [فافعل]،
فإن فيها فضلاً كثيراً، والنجاة من النار، وليس سهر ليلتين يكبر فيها أنت تؤمل)).
وعن الإمام الباقر (ع): ((من أحيى ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وصلّى
فيها مائة ركعة، وسع الله عليه معيشته)).
*
ليلة
الجُهَنِيّ
روي عن الباقر أو الصادق (ع) القول:
((ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني))
والمعنى أن رجلاً من جهينة، واسمه
عبد الله بن أنيس الأنصاري، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن منزلي
ناء عن المدينة فمرني بليلة أدخل فيها" فأمره بليلة ثلاث وعشرين.
*
الإحياء في ليلتين
وروي أنهم (ع) كانوا يحبون للناس
أن يحيوا ليلتي 21 و 23، فلا يحددون لهم أحياناً ليلة 23.
فقد روي سؤال أبي بصير للإمام
الصادق (ع): "ما الليلة التي يُرجى فيها ما يرُجى؟ قال (ع): ((في إحدى وعشرين أوثلاث
وعشرين))، فقال: فإن لم أقو على كلتيهما، قال (ع): ((ما أيسر ليلتين فيما تطلب))
قلت: فربّما رأينا الهلال عندنا، وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخرى! فقال
(ع): ((ما أيسر أربع ليال تطلبها فيها))، قلت: جعلت فداك! ليلة ثلاث وعشرين ليلة
الجهني؟ فقال (ع): ((إن ذلك ليقال!))
فانظر شدة حرص إمامنا الصادق (ع) على ضربنا على عبادة المولى عز
وجل من جهة وعلى العمل من أجل نيل خير الدنيا والآخرة من جهة أخرى، فلم يرض أن
يكتفي أبو بصير (رض) بليلة واحدة، بل وفي حال الشك لم يرض أن يحدد له ليلة 23
ويكررها، بل أبقاه على ليلتين: 21 و 23 + التكرار، ليكون الإحياء في 4 ليال.
وحتى بعد أن ألح عليه أبو بصير برواية "الجهني" فإن
الإمام (ع) أجاب بما لا يشجع على الاكتفاء بليلة 23.
والله إن هذا الوعد من الله تعالى ((ليلة القدر خير من ألف
شهر)) ليجعل الإنسان العاقل يقوم الليل دهره كله لو قيل له أنه خير من 83 عاماً،
فما بالك ببضع ليال كل عام؟!
**
فما العمل؟
أهي 23 أم 27 أم ماذا؟
في روايات أهل البيت (ع) هناك
اهتمام بليلة 27 أيضاً، حيث ورد أن "الغسل" فيها من "المستحبات
المؤكدة" ما يعني أنه يجزي عن الوضوء.
وروي أن السجاد (ع) كان يقول
طيلة ليلة 27:
((اللهم ارزقني التجافي عن دار
الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل حلول الفوت)).
وعليه، فإن ليلة 27 متميزة من
بين العشر الأواخر من رمضان، تالية لليلتي 21 و 23،
فينبغي الاهتمام بها أيضاً.
*
فلعل هذه الأخبار هي التي جعلت
الاهتمام بليلة 27 وليس 23 عند أهل السنة.
*
فينبغي لمن يعتقد بعلم أهل
البيت (ع)، حتى وإن لم يعتقد بموقعيتهم القيادية كما يعتقد الشيعة، أن لا يفرّط
بليلة 23 مطلقاً، (بل وليلة 21 أيضاً) وذلك:
أولاً / تظافرت الروايات عنهم
(ع) أنها هي ليلة القدر
ثانياً / وجود الروايات الخاصة
بـ "ضمرة الجهني" في كتب الحديث لأهل السنة كما في كتب الشيعة.
وتقبل الله من الجميع الطاعات.