والذين آمنوا أشدُّ حبّاً لله
وَمِنَ النَّاسِ
مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ،
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ / البقرة:165
لا تخلطوا الآني بالأبدي
والمحلي بالعالمي
(أ)
كيف الخلط؟
يضيع وقت كثير وجهد كبير، إضافة إلى الأثر السلبي على
العلاقات أحياناً، نتيجة الخلط بين ما أطرحه من أمور غير محدودة بالزمان ولا
بالمكان وأمور آنية وأخرى محلية، وهذا يضيق النظرة للأمور الكبرى اللازمانية
اللامكانية فتسقط تحت وطأة مشاكل آنية محلية، مع أن ما يجب هو العكس: أن نجعل
الآني المحلي يتبع الأبدي العالمي.
هذا الخلط لا يعتمد لا على إقامة الدليل العقلي ولا على
إقامة الدليل النقلي (من النصوص الدينية أو التاريخية) ولكن يخبط خبط عشواء – كل
شيء في كل شيء، والنتيجة الخروج من الاطلاع والنقاش صفر اليدين!
ألم تر كيف أن الكثيرين يطرحون إشكالية، فتجيب عنها بشكل
مستوعب، إلى أن تصل إلى نقطة يتوقفون فيها عن النقاش، فما الذي تظنه؟ أنهم اقتنعوا
بوجهة نظرك ودليلك أو تعبوا من المواصلة. ولكنك تفاجأ بطرحهم – هم أنفسهم –
الإشكالية نفسها، وبنفس المفردات، ربما بعد شهر أو أسبوع وربما في اليوم التالي!
هذا لا يريد الوصول إلى الحقيقة؛ ولكن لماذا؟
لوجود الأمور الثلاثة التالية، والتي تتناولها المقالات
الثلاث الآتية – فالمقالات القصيرة محاولة لإنقاذ البحث في موقعية أهل البيت
(عليهم السلام) من هذه الثلاثة:
أولاً - المشاكل السياسية الآنية (المقالة 3)
ثانياً - صعوبة مواجهة الحقيقة المؤلمة (المقالة 4)
ثالثاً – صعوبة التغلب على الافتراء المنظم (وهو خط
الدفاع ضد الحقيقة المؤلمة) (المقالة 5)
كيف؟
الدين: (1) عقيدة (2) شريعة (3) أخلاق
الشريعة تضخمت كثيراً على حساب
الأخلاقيات، فصار الالتزام ميكانيكياً بدلاً من أن يكون منطلقاً من العقل والقلب
معاً. البعض ينسب هذا إلى حاجة الدولة الإسلامية منذ البدء لأدوات الحكم بواسطة
الشريعة، إضافة إلى الحاجة غير المغرضة للناس في تقاضيهم عند القضاة الشرعيين في
سائر شؤونهم.
كائناً ما كان السبب، تأخرت المنظومة
الأخلاقية حتى انفصلت عن الالتزام بالأحكام الشرعية، وبالأطر العقائدية وأهمها
التوحيد.
وهذه من أهم مفارقات الأمة الإسلامية،
وكيف لا وهذه الأمة كلها تعرف قول النبي (صلى الله عليه وآله) ((إنما بعثت لأتمم
مكارم الأخلاق))؟!
كيف؟
خذ منظومة العقائد:
ففي الأصول الثلاثة المشتركة بين جميع
المسلمين
التوحيد – يناقضه العصبية الطائفية
والقومية والمذهبية والمناطقية وأية عصبية أخرى
النبوة – يناقضه إهمالها كمشترك بين
المسلمين، وإهمال منهجها مع غير المسلمين
المعاد – يناقضه تحقير الثواب في
الآخرة من أجل شفاء غيظ أو نيل دنيا عاجلة، وصولاً إلى الاصطفاف مع القتلة
والمجرمين (أما القتلة والمجرمين والظالمين فهؤلاء لا كلام معهم أصلاً)
ثم في الأصلين الإضافيين في مذهب أهل
البيت (عليهم السلام)
العدل – يناقضه عدم إنصاف الآخرين بينما
نريد العدل من الله تعالى!
الإمامة – يناقضه طاعة الظالمين كما
يناقضه إهمال أخلاق الأئمة المشخصين (ع) من قبل شيعتهم كما من قبل كل من يدعي
الانتساب إليهم سواء بالنسب أو بالمودة.
أما الشريعة
فهي عبادات ومعاملات، ولنضرب مثلاً
واحداً من كل منهما:
العبادات / لنأخذ الصلاة –
تبدأ بـ "الله أكبر" ولكن
البغض وعدم الإنصاف وإغفال مآسي الآخرين والاهتمام بمآسي جماعتك والتكالب على
الدنيا وغيرها كثير، كلها عندك "أكبر" من الله!
وتنتهي بـ "السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته" لتنطلق في "حرب" مع القريب والبعيد!
المعاملات / لنأخذ البيع –
لا مانع عندك من الاتجار والربح مع
الدولة الفلانية ولكنك تكفرها وتكفر شعبها جملة وتفصيلاً!
أو لا مانع عندك من العمل شراكة مع شخص
من مذهب آخر بينما أنت تبغضه في داخلك، وهذا من المحتمل جداً أن يقود إلى أن تستحل
منه – في هذا البيع – ما لا تستحل من غيره. وربما تتعامل معه وكل همك إيجاد أي
أبواب للغش والتدليس والغبن وغيرها من خيارات البيع في غياب تام لله تعالى من
بالك.
وأما الأخلاق
المقصود أخلاقيات التعامل كله – في
الكلام والفعل وحتى في المشاعر / هذه قضية القضايا / ودونكم الانترنت وما يكتب فيه
على الإيميل والفيسبوك ويوتيوب والمواقع المختلفة لتعلموا الدرك السافل للكثيرين،
فلا تهمة ولا افتراء ولا طعن غائبة، ولا هراء أو سخف أو رقاعة إلا وموجودة، مع خفة
العقل وسواد القلب...
لهذا، تجد الآتي:
-
الشخص من الطائفة أ يعلق بعد أن سلم عقله لمواقع ومنتديات وصفحات لا تعرف
غير الحقد والبغض واللاعقلانية وغياب المواطنة الحقة، فكيف سيعلق؟ طبعاً سيكون
بعيداً جداً عن الحق
-
شخص آخر من الطائفة ب نفس الشيء ولكن في المواقع المعاكسة والناس المعاكسين،
فكيف سيعلق؟ طبعاً بعيداً جداً عن الحق
-
فتصوروا حواراً مع هذين الشخصين! شيء مستحيل لأن المشتركات كلها قد انهارت
نتيجة غسيل الدماغ من جانب وسواد القلب من جانب، وكله في إطار البعد عن الله تعالى
– مسلمهم وكافرهم، مؤمنهم ومنافقهم، إسلاميهم وعلمانيهم
(يتبع)