خديجة بنت خويلد (عليها السلام)
نبذة عن حياتها الشريفة
1 من 2
***
في 10 رمضان مرت ذكرى وفاة أم المؤمنين السيدة
خديجة الكبرى سلام الله عليها،
فلنذكر شيئاً عنها، وإن كان لا يفيها، ولا أضعافه المضاعفة من
المسلمين جميعاً، حقها، بعد أن قال النبي (ص):
((لولا سيف علي وأموال خديجة ما اخضرّ للإيمان عود وما قام
للإسلام عمود)).
***
من هي؟
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب؛
فتلتقي مع النبي (ص) عند جدها الرابع.
أبوها "خويلد بن أسد" قال فيه عبد المطلب جد النبي (ص)
"ما وجدت أحداً ورث العلم الأقدم غير خويلد بن أسد".
وذلك أنه "لقي عبد المطلب لمّا حفر زمزم، فقال: يا بن سلمى، لقد
سُقيت ماء رغداً، ونثلت عادية حسداً، فقال: يا بن أسد، أما إنّك تشرك في فضلها،
والله لا يساعدني أحد عليها ببر، ولا يقوم معي بارزاً إلاّ بذلت له خير الصهر.
فقال خويلد بن أسد:
أقول وما قولي عليهم بسبّة **** إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم
حفيرة إبراهيم يوم ابن هاجر **** وركضة جبريل على عهد
آدم"
***
ولادتها
ولدت – في مكة (كما يتوقع) – قبل ولادة النبي (ص) بـ 15 عاماً.
***
زواجها
تزوجت في سن الأربعين من رسول الله (ص) في 10 ربيع الأول، ولم يتزوج
غيرها في حياتها حتى توفيت.
***
أولادها
اختلفت الأقوال في عدد أولادها من رسول الله (ص)، فمنهم الطاهر
والمطهر والطيب وعبد الله ورقية وأم كلثوم وزينب، ومنهم المؤكد وهو
"القاسم" الذي توفي في حياته (ص) لهذا يكنى (ص) بأبي القاسم، والمؤكد "فاطمة"
(ع) (فقد قيل أن الأخريات كُن بنات هالة أخت خديجة (ع) أو بنات زوج هالة من زواج
سابق له).
***
إسلامها
كانت أول امرأة، بل ربما أول إنسان، آمنت بالإسلام، فقد روي قول علي
(ع): ((ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير
رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة)).
وإن كان قول علي (ع) يصف أول نزول الوحي ((ولقد
سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلّى الله عليه وآله) فقلت يا رسول الله: ما
هذه الرنة؟ فقال: إنه الشيطان أيس من عبادته)) يشير إلى سبقه (ع) على خديجة (ع).
***
مكانتها
كانت (ع) في الجاهلية من أوسط قريش نسباً وأعظمهم شرفاً، وكانت تتمتع
بثراء كبير، حتى روي أنه ما من تاجر في مكة إلا ويضارب بأموال خديجة (ع)، وهذا –
إن صح – يعني أنها كانت من أعمدة السوق المكي بل عموده الأول.
وأما بعد الإسلام، فقد وقفت مع النبي (ص) بكل ما تملك من أموال ومكانة
وكذلك من حكمة وذكاء وعطف، شاركته كل شيء حتى أشد الظروف القاسية في آخر حياتها
الشريفة مع أنها عاشت عيشة منعمة طيلة حياتها.
***
مكانتها عند الله تعالى
هذه النفس العالية، وتلك المواقف الفريدة،
جعلت لخديجة (ع) المكانة المتميزة عند الله تعالى.
فقد روى الناس إخبار النبي (ص) أن جبريل (ع)
جاءه يقول:
((يا
رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك
فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب
فيه ولا نَصَب)).
بل أنها لم تنازعها الدرجة الأعلى في نساء الخلق سوى ثلاث، كما في
الحديث الذائع عنه (ص):
((خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وابنة مزاحم امرأة فرعون،
وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد)).
(يتبع)
·
الصورة لقبة قبر السيدة خديجة (ع) وابنها القاسم بن رسول الله (ص)، قبل
أن يزيلها المجرمون قبل حوالي 90 سنة.
خديجة بنت خويلد (عليها السلام)
نبذة عن حياتها الشريفة
2 من 2
***
إنفاقها
يكفي قول النبي (ص):
((ما نفعني مال قطّ مثل ما نفعني مال خديجة)).
عسى أن ينفع هذا في تخفيف المبالغات بخصوص إنفاق الآخرين من جهة، وفي
قول كلمة حق في هذه المرأة الكاملة (ع) وفضلها علينا جميعاً من جهة أخرى.
***
حبّ النبي (ص) لها
بهذه المكانة من الله تعالى، بعد هذا العطاء والسبق، هل نتوقع
إلا أن النبي (ص) سيحبها حباً متميزاً؟
فقد أعلن (ص) مرة:
((إني رزقت حبها))
قاله (ص) بعد أن استمرت المضايقات في النيل من خديجة (ع) من بعض
نسائه، الظاهر أن ذكره (ص) إياها (ع) كان حاضراً على الدوام.
يؤكد ذلك ما روته إحدى أمهات المؤمنين: "ما غِرتُ على أحد
من نساء النبي (ص) ما غِرتُ على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي (ص) يكثر
ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له:
كأنه لم يكن في الدنيا إلاّ خديجة! فيقول: ((إنّها كانت، وكانت، وكان لي منها
الأولاد))".
وروت قائلة: «كان رسول الله (ص) إذا ذكر خديجة لم يكن يسأم من الثناء
عليها والاستغفار لها، فذكرها ذات يوم واحتملتني الغيرة إلى أن قلت: قد عوّضك الله
من كبيرة السن... فرأيت رسول الله (ص) غضب غضباً سقط في جلدي، فقلت في نفسي: اللهم إنك
إن أذهبت عني غضب رسول الله (ص) لم أذكرها بسوء ما بقيت، فلما رأى رسول الله (ص)
الذي قد لقيت، قال: ((كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذبني
الناس، ورزُقت منّي الولد إذ حرمتيه منّي))".
***
وفاتها
توفيت (ع) في 10 شهر رمضان في السنة 10 من البعثة النبوية في شعب أبي
طالب بمكة المكرمة، ودفنت في مقبرة الحجون.
تزامنت الوفاتان، وفاتها ووفاة أبي طالب (عليهما السلام)، لم
يفرق بينهما سوى 3 أيام، فسمي العام "عام الحزن".
***
وصيّتها لرسول الله (ص)
لما اشتد بها مرض الموت قالت (ع):
"((يا رسول الله اسمع وصاياي:
أوّلاً: إني قاصرة في حقك فاعفني يا رسول الله. قال (ص): حاشا وكلاّ،
ما رأيت منكِ تقصيراً، فقد بلغت بجهدك، وتعبت في داري غاية التعب، ولقد بذلت
أموالك وصرفت في سبيل الله مالَك.
ثانياً: أوصيك بهذه ـ وأشارت إلى فاطمة ـ فإنها يتيمة غريبة من بعدي،
فلا يؤذينها أحد من نساء قريش، ولا يلطمنّ خدّها، ولا يصيحنّ في وجهها، ولا
يرينّها مكروهاً.
ثالثاً: وأما الوصية الثالثة إني
خائفة من القبر، أريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزول الوحي تكفنني فيه. فقام
النبي (ص) وسلم الرداء إليها، فسُرَّت به سروراً عظيماً".
"فلما تُوفيت خديجة أخذ رسول الله (ص) في تجهيزها وغسّلها
وحنّطها، فلمّا أراد أن يكفّنها هبط الأمين جبرائيل وقال: ((يا رسول الله، إنّ
الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمّد إنّ كفن خديجة من
عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا)).
فجاء جبرائيل بكفن وقال: ((يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان
الجنّة أهداه الله إليها)).
فكفّنها رسول الله (ص) بردائه الشريف أولاً، وبما جاء به جبرائيل
ثانياً، فكان لها كفنان: كفن من الله، وكفن من رسوله".
***
فسلام الله عليها، وعلى زوجها سيد المرسلين، وعلى ابنتها سيدة نساء
العالمين، وعلى أحفادها الأئمة الميامين، ورحمة الله وبركاته ما بقي الليل
والنهار...
(إنتهى)