الحديد: خبر علمي وتدبر لآية سورة
الحديد
المطر الحديدي ترك المعادن الثقيلة على
الأرض في أولها
بقلم: أفيفا راتكن
مجلة نيو ساينتست العدد 3011 نشر
7/3/2015
إن النشرات الجوية الأولى لمناخ كوكب
الأرض كان يمكنها التنبؤ بتوقع هطول أمطار من الحديد. فإن كوكبنا ربما هطلت عليه
مثل هذه الأمطار في أول حياته، ما يساعد على تفسير تفوق وجود المعادن الثمينة في
قشرة الأرض والطبقات الأعمق (الوشاح/المانتل) في يومنا هذا.
في سنوات تكونها، ربما ضربت الأرض بعدد
من الأجسام الغنية بالحديد قادمة من الفضاء. في الماضي، كان العلماء يتصورون أن
هذه انصهرت بالدرجة الأولى في لب/قلب الأرض، ما عدا بعض الأجسام التي بأحجام كواكب
صغيرة. تركت "ضربات الحظ" هذه الحديد، وبعض العناصر كالذهب والبلاتين
التي تميل إلى الاتحاد مع الحديد، قرب السطح.
إلا أن هذا التصور كان مبنياً على
تقدير ما يحدث للحديد عندما يرتطم بالأرض. أراد ريتشارد كراوس وزملاؤه من مختبر
لورنس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا القيام بقياس دقيق لكيفية تصرف المعادن تحت
مثل هذه الظروف الشديدة.
إستخدم الفريق ماكنة زد في مختبر
سانديا الوطني في نيومكسيكو لإطلاق صفائح الألومنيوم، المعجلة إلى سرعات عالية،
على عينات من الحديد. التصادمات التي نتجت أرسلت موجات صادمة قوية خلال الحديد،
لتحولة في النهاية إلى بخار.
واكتشف هؤلاء الباحثون أن الحديد احتاج
كي يتبخر إلى ضغط أقل بحوالي 40% مما كان يعتقد سابقاً.
إن هذا يرسم صورة جديدة عن الأرض في
أوائل أيامها، حيث الذي حصل على الأغلب أن النيازك القادمة تبخرت عند الارتطام، ما
أرسل كتلة من الحديد وغبار الصخور إلى الأعلى. تحول هذا الخليط إلى مطر، نزل
فاختلط، تماماً وبسهولة، مع الجزء الأعمق من الأرض.
كما أن المطر الحديدي ربما كان وراء
جلب العناصر كالذهب والبلاتين إلى أملاح السيليكا في القشرة الصخرية، ما يفسر سبب
وجودها بشكل أكبر مما كان بعكسه سيتوقع.
(إنتهى الخبر.)
الحديد والهدف من الرسالات
قال تعالى ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات
وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد
ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، إن الله قوي عزيز)) الحديد:25.
الآية المباركة من 4 مقاطع
المقطع الأول
يبين لنا المولى عز وجل أمرين يتعلقان
بالرسالات:
الأول، أن هدف الرسالات هو "إقامة
القسط" أي يقوموا بالعدل في ظاهر الأمور (لأن "العدل" أعم فهو
ظاهراً وباطناً)؛ وهذا فيه إشارة لنا جميعاً إلى هذا الهدف العظيم كي نقوم بكل ما
أوتينا من قوة بتحقيقه في حياتنا
الثاني، لتحقيق هذا الهدف العظيم فقد
أيد الله تعالى المرسلين بـ 3 أمور -
البينات / المعجزات أو الآيات البينات
في القرآن مثلاً
+ الكتاب / القرآن وما سبقه
+ الميزان / المعرفة بوضع الأمور في
نصابها دون ظلم هنا أو هناك (وفي هذا نقطة جانبية تشير هي الأخرى إلى أن القول
بالاكتفاء بالقرآن، كما يقول القرآنيون، أو على طريقة "حسبنا كتاب
الله"، خطأ واضح، لأن الميزان غير الكتاب بعطفه عليه).
المقطع الثاني
إنزال الحديد، وفيه مسألتان:
الأولى / هل كلمة ((أنزلنا)) تشير إلى
"حقيقة" أن الحديد نزل إلى الأرض بعد زمان من تكونها (ما يتعلق بالخبر
أول المنشور أعلاه)؟
أم أنه بمعنى "الخلق" كما في
آيات قرآنية أخرى ((وأنزلنا لكم من الأنعام ثمانية أزواج)) الزمر:6، على أساس أن
((أنزلنا)) هي تعبير مجازي للإنزال من الأعلى إلى الأسفل، من المنعم تعالى إلى
الخلق؟
الثانية / أن الحديد يوفر "القوة
الكبيرة" + منافع أخرى، ما يؤيد المرسلين والقائمين بأمر الرسالات معهم
وبعدهم في صراعهم مع الكافرين المعاندين المحاربين الذين يعلمون لوقف نشر
الرسالات.
المقطع الثالث
ربما يجمع بين المقطعين الأولين،
((ليعلم الله)) تعبير يستخدم في القرآن في مواضع عدة بمعنى ليثبت على الناس حقيقة
تفاعلهم مع الرسالات من أفعالهم الحقيقية، بدونه سيجادلون عند الحساب أنهم كانوا
سينصرون الرسالات فيعترضون على حسابهم بمقتضى علم الله القديم بهم.
فها أنتم – جاءكم "المرسلون +
أسلحتهم من الكتاب والميزان والوسائل المادية من الحديد"، فهل تنصرونهم من
خلال طاعتهم فيما جاءوا به من كتاب وميزان وفيما تصنعونه من السلاح المادي؟
المقطع الرابع
صفة "قوي" تناسب الحديد، كما
تناسب القوة عموماً مما جاء مع المرسلين من عناصرها في الكتاب والميزان من أحكام
وهدى وأخلاق وغيرها؛
وصفة "عزيز" تشير إلى المنعة
من أن يتطرق إليه تعالى أي شيء يؤثر على خطته في الخلق ثم إرسال الرسالات لإرجاع
الناس إلى فطرتهم كلما بعدوا وانحرفوا.
هل الآية من الإعجاز العلمي للقرآن
الكريم؟
شخصياً، لا أجد سبباً يدعو بعض
المفسرين الكبار إلى نفي أن يكون التعبير ((وأنزلنا)) تعبيراً حقيقياً عن حقيقة من
حقائق الكون المكتشفة، وهي أن الحديد أنزل بعد زمان من خلق الأرض، وذلك:
1- التعبير ((وأنزلنا)) يحتمل الإنزال المادي الحقيقي
2- المعنى المجازي لهذا التعبير في آيات أخرى، كآية سورة
الزمر، لا دليل على أنه المعنى الوحيد المقبول قرآنياً
3- آيات أخرى تتحدث عن أمور تنزل من أعلى إلى أسفل مادياً
((أنزلنا من السماء ماء فسالت أودية بقدرها)) الرعد:17؛ فإن قيل أن هذا الماء، ماء
المطر، من ضمن الأرض، أقول...
4- ... أن هناك غيرها تتحدث عن إنزال مادي
((وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى)) البقرة:57.
وعليه، فالتفسيران جائزان، والله
العالم.
وعلى التفسير المادي، فإن الخبر أول
المنشور يؤكد على أهمية الحديد ((وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس)) من
خلال ليس فقط الحديد، ولكن العناصر الأخرى – كالذهب والبلاتين المذكورين في الخبر –
والتي منها منافع للناس.
والحمد لله رب العالمين.