بمناسبة ذكرى وفاة سيدة النساء
جدتنا ومولاتنا
فاطمة الزهراء عليها السلام *
أتقدم بالتعازي لتجدد الحزن الشديد
على ذلك المصاب
الممتزج بالعجب الذي لا ينقضي
من أحوال أمة أبيها (صلى الله عليه وآله)
مع مودة القربى
فكانَ ما كانَ مما لستُ أذكرُهُ * فظنْ
خيراً ولا تسألْ على الخبرِ
روى الإمام أحمد بن حنبل عن جابر بن عبد
الله الانصاري قال:
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعلي بن ابي طالب:
((سلام عليك ابا الريحانتين من الدنيا، فعن
قليل يذهب ركناك، والله خليفتي عليك))
فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال علي:
((هذا أحد الركنين الذي قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم))؛
فلما ماتت فاطمة قال: ((هو الركن الآخر الذي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم))؛ ومضى الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
((السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك
وزائرتك، والمختار لها سرعة اللحاق بك،
قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وقل عنها
تجلدي، إلا أن لي التأسي بسنتك، وفي فرقتك موضع تعز، وإنا لله وانا اليه راجعون؛
قد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة، فما أقبح
الخضراء والغبراء يا رسول الله؛
أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، ولا يبرح
ذلك من قلبي حتى يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم؛ كمد مبرح، وهم مهيج؛
سرعان ما فرق بيننا يا رسول الله،
فبعين الله تدفن ابنتك سراً،
ويهتضم حقها قهراً،
ويمنع إرثها جهراً،
ولم يطل منك العهد، ولم يخلق منك الذكر؛
فإلى الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء؛
وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته))".
***
رواية أخرى عن السجاد (ع)
روى علي بن الحسين عن أبيه الحسين عليه السّلام قال:
((لما مرضت فاطمة بنت النبي
صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصت الى علي أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحداً
بمرضها ففعل ذلك وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استسرار
بذلك كما وصت به، فلما حضرتها الوفاة وصت أميرالمؤمنين أن يتولى أمرها ويدفنها
ليلا ويعفي قبرها، فتولى ذلك أمير المؤمنين دفنها وعفى موضع قبرها، فلما نفض يده
من تراب القبر هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه وحول وجهه إلى قبر رسول الله
فقال:
السلام عليك يا رسول الله منّي والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك
وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك،
قلّ يا رسول الله عن صفيتك صبري وضعف عن سيّدة النساء تجلدي،
الاّ أن في التأسي لي بسنتك
والحزن الذي حل بي لفراقك موضع تعزِّ، ولقد وسّدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك
على صدري وغمضتك بيدي وتوليت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول، وانّا
لله وأنا اليه راجعون،
قد استرجعت الوديعة، وأخذت
الرهينة واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله،
أما حزني فسرمد وأما ليلي
فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها مقيم كمد مقيح وهم
مهيج سرعان ما فرق بيننا والى الله أشكو،
وستنبئك ابنتك بتظافر امتك علي
وعلى هضمها حقها فاستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً
وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين،
سلام عليك يا رسول الله، سلام
مودع لا سئم ولا قال، فان انصرف فلا عن ملالة وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله
الصابرين، والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك
لزاماً والتلبّث عنده معكوفاً، ولأعولت اعوال الثكلى على جليل الرزية،
فبعين الله تدفن ابنتك سراً
ويهتضم حقها قهراً وتمنع جهراً، ولم يطل العهد ولن يخلق منك الذكر،
فإلى الله يا رسول الله المشتكى
وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته)).
***
يا
ابنةً الطاهرِ كمْ تُقـرعُ بالظلمِ عصاكِ
لهفَ
نفسي وعلى مثلكِ فلتبكِ البواكي
فرحوا
يوم أهانوكِ بما ساءَ أباكِ
ولقد
أخبرهُمْ أنَّ رضاهُ في رضاكِ **
*
على رواية وفاتها في 3 جمادى الثاني بعد 95 يوماً من وفاة أبيها صلى الله عليه
وآله
** من ضمن أبيات وردت في شرح نهج البلاغة