بحوث الأمة
المسلمة في دعاء إبراهيم وإسماعيل (ع)
الحلقة ح11 / آية
الولاية
رابط يوتيوب: https://youtu.be/kWwSIJpRYmM
بسم
الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الهداة
الآية الأخرى
الشهيرة التي تخص الأمة المسلمة في القرآن الأمة الذرية المسلمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل(ع)
إسمها آية الولاية، نص الآية 55 من سورة المائدة المباركة ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ)).
اللغة تقول
أولاً لغة القرآن طبعاً التي استخدمها في الآية، كما
في آية التطهير هناك أداة الحصر "إنّما". هنا تقول ((إنما وليّكم))
أي فقط وليكم، هنا أيضاً فيها شيء من المبالغة إذا قلنا أنه فعلاً بهذا الحصر،
فقط الولي هو الله ورسوله والذين آمنوا، على اعتبار أن هناك ولاية أيضاً ((المؤمنون
والمؤمنات بعضهم أولياء بعض))، هناك ولاية للمؤمنين بعضهم لبعض، كما أننا نعتقد
بولاية ليس فقط المشخص في الذين آمنوا هنا، الذي قام بهذا الفعل وإنما في الذرية
الأمة المسلمة من الأئمة الأطهار. ولكن معنى الولاية هنا، الولاية التي تكون
لها أسبقية على ولاية الإنسان لنفسه، أي ليست مثل ولاية المؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض، هذه الولاية هي من نوع ولاية رسول الله، لأنه ولي الله ورسوله
الذين آمنوا ((النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)) هذه ولاية عنده أعلى من ولاية
الإنسان المؤمن على نفسه، أي أن النبي (ص) يستطيع أن يأمرك بأمر فيه
هلاكك يجب عليك التنفيذ، لأن التهلكة التي أنت لا يجوز لك أن توقع نفسك فيها،
النبي(ص) بأمر الله تعالى يمكن أن يأمرك بها، فلا تكن قد أوقعت نفسك في الهلاك
لأنه لا رأي لك هنا، لا قرار لك، هو ولايته أعلى من ولايتك على نفسك.
فاللغة تقول إذاً ((إنما وليكم))، من هو وليّكم؟
طبعاً هو الله تعالى، هو الولي، هو المولى، هو المالك، هو المسيطر، هو الذي له
الخلق والأمر وكل شيء؛ ورسوله(ص)، كما قلنا ((النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم))،
فهو الولي، هو المتولي أموركم، هو الذي يتولى أموركم، هو الذي يتصرف في أموركم.
ثم في ((الذين آمنوا)). إذاً هنا لو سكتنا يصبح
الكلام غير مفهوم، الكلام مع
الذين آمنوا مع مصطلح الذين آمنوا، عادة في القرآن غالباً يقصد المسلمين الذين دخلوا
الإسلام أعلنوا أنهم آمنوا، (فغالباً يفرق المؤمن تمثل حقيقة الإيمان بكلمة
المؤمنين)، فهنا لو قال والذين آمنوا، الكلام مع الذين آمنوا فما معنى القول إنما
وليكم أنتم أنفسكم؟ ولاية المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، هناك تفاعل بين
الإثنين، أما أنه أنت ولي نفسك ما معنى هذا؟ ولهذا لم يسكت، الآية نزلت تقول ((الذين
آمنوا الذين)) إذاً من هم؟ ((الذين)) يعني هنا يأتي البَدَل في اللغة، يعني "إنما
وليكم الله ورسوله والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة" هذا هو البدل، ((الذين
آمنوا الذين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)).
نفهم منها أن هؤلاء الذين يقيمون الصلاة المعروفة
ويؤتون الزكاة زكاة المال المعروفة وهم راكعون.
هنا إما: يؤتون الزكاة وهم راكعون، بأنه يقيمون
الصلاة وهم راكعون ما لا معنى، الصلاة هي جزء منها أنهم راكعون، إذاً ((هم راكعون))
مرتبطة بماذا؟ بـ ((يؤتون الزكاة))، فإما أن ((ويؤتون الزكاة وهم راكعون)) في حالة
الركوع أو "ويؤتون الزكاة واحد، وهم راكعون واحد"، إذا قلنا وهم راكعون
واحد، منفصلة، صفة أخرى، صار عندنا أن هؤلاء الذين آمنوا الذين لهم ولاية بعد
ولاية الله ورسوله، هم الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم دائماً راكعون كأنما
عمرهم كله هو وهم راكعون؛ فإن قيل لا، المقصود من الركوع إنما الخضوع لله تعالى،
قلنا إذا أن الأكثر خضوعاً هو السجود لقال وهم ساجدون، وهو الأكثر عبودية لله
تعالى كما هو معلوم، لأنك تبين الخضوع الأكبر عندما تنزل وتضع جبهتك على الأرض،
تقول لله تعالى أنا أضع جبهتي على أوطأ نقطة اعترافاً بعلوّك، لذلك قيل إن أقرب ما
يكون العبد إلى الله في السجود، إذاً من غير المعقول أن تكون هذه الصفة للولاية
وهم راكعون يعني دائماً، يعني هذا الولي الذي يجب أن يكون راكعاً على طول الخط،
متى يصلي؟ متى يؤتي الزكاة؟ إذاً لا يمكن أن تكون ((وهم راكعون)) مفصولة، إذاً لا
بد وأن تكون مربوطة بما قبلها.
قلنا ((ويقيمون الصلاة)) لا يمكن لأن الصلاة هي
جزء منها الركوع، إذاً لا بد أن تكون ((وهم راكعون)) مع ((ويؤتون الزكاة)). إذاً "يؤتون
الزكاة وهم في حالة الركوع". هذا هو المعنى المفهوم.
التزكية إلى الأمة
الآن تزكية الرسول لهم من البيان الرسولي. وردت
روايات أنه صلى الله عليه وآله قال عندما دخل سائل إلى المسجد وهم في حالة الصلاة
يصلون لم يكن يعني بين صلاة النافلة يصلون فرادى فدخل سائل فسأل فدعا رسول الله
بدعاء فتحقق الدعاء على يد علي(ع) حيث أنه في اللحظة التي كان هذا
السائل يمر بين الصفوف ويسأل الناس المساعدة كان علي(ع) في حالة الركوع فما الذي
يفعل؟ مد يده الكريمة وبيده خاتم فأشار إلى هذا السائل ففهم ذاك أن انزعه مني
فانتزعه منه فأعطى الزكاة وهو راكع.
الآن هناك من يعترض، كالعادة طبعاً عندما تأتي
القضية إلى علي(ع)، يجب أن تكون هناك اعتراضات. أول
اعتراض أن الكلام بصفة الجمع وأنتم تقولون أنه فقط علي الذي تصدق بالخاتم؛ هذا
مردود لأنه يمكن أن يُعبّر عن الفرد بالجمع قالوا أنه يمكن أن يعبر بالتفخيم
يقولوا هذا من الكبر بحيث يعبر عنه بأكبر، وهذا ورد في القرآن في كلام المولى عز
وجل عندما جاء فيه مثلاً ((ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون))، لم يقل فنعم المجيب،
المجيبون للتفخيم. حتى في حالة الناس في حالة البشر أيضاً عبّر القرآن، ومن أشهر
الآيات آية ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ)) وهذه بالإجماع أنها نزلت عندما جاء نعيم بن مسعود الأشجعي وحذر رسول
الله(ص) أن اليهود سيغدرون به بالاتفاق مع قريش التي كانت قد جاءت مع الأحزاب
لحصار المدينة في واقعة الأحزاب، جاء وقال له يا رسول الله إني قد أسلمت، لكن لحد
الآن لم أعلن إسلامي لا يزالون يعتقدون أنني مشرك، إذا هل أخدعهم، أمارس الخديعة؟
أستطيع أن أوقع بينهم فلا يحصل إتفاق عليك؟ قال(ص) نعم ((الحرب خدعة)). فالذين قال
لهم الناس، الذين يعني رسول الله، وهو مفرد، لهم أيضاً جمع، الناس هو نعيم بن
مسعود وحده. فإذاً يعبر عن المفرد بالجمع.
الاعتراض الثاني أنه كيف علي تقولون أنه
يكون خاشعاً في الصلاة
لا يستطيع أن ينتبه إلى شيء فكيف سمع السائل؟ هذا الاعتراض حقيقة نستطيع أن نقول
أنه اعتراض سخيف، أولاً لم نقل أن علياً(ع) في جميع أحواله كان يذهل ولا يدري بما
حوله، لا لم يقل أحد ذلك. الثاني أن القضية من الأهمية الله تعالى يريد أن يوصل
إلى الناس موقعية علي(ع) بطرق مختلفة علماً منه تعالى بالمؤامرات ضد ذلك، فكان من
ضمن خطته تعالى هذه الأمور، ليس هناك صدفة عند الله تعالى، فكيف بأهم قضية وهي ولاية
الدين؟ فجعل ذلك السائل يدخل ويطلب ويسأل فيعطيه علي(ع) فتنزل الآية لتكون بطريق
لا يمكن أن تُنسب إلى غيره من الوضوح، هذا الأمر من الأهمية بكثير من أن يكون علي(ع)
كيف سمع هذا وكيف انتبه إليه، انتبه إليه بكل سهولة.
أخيراً نقول أن هناك
اعتراض، ليس اعتراض إنما تفسير مغاير منحرف في الواقع يقول أن المعنى ليس كما
ذهبتم، المعنى أن الولاية لله ولرسوله والذين آمنوا الذي يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون، يعني ليس بالضرورة فقط علي،
أعط الزكاة وأنت راكع، هذا معناه أنه يعطون الزكاة وهم راكعون أي خاضعون، ويعطون الزكاة
وهم راكعون فعلاً. هذا معناه أولاً يعطي الزكاة وهو راكع، كان يقول وهو طائع وهو
خاضع وهو صادق، لا يقول وهو راكع، ثانياً إذا صارت هناك ولاية بكل إنسان يركع
ويعطي الخاتم، هذا يستطيع أي واحد اتفق مع شخص آخر يقول له أنه عندما أصلي في
المسجد تقف على الباب وعندما تصل جانبي أكون راكعاً أطيل الركوع لا بأس وأنت تطلب
وأنا أشير باليد وأنت تأخذ المحبس فأكون أنا ولي الناس بعد الله ورسوله!
هذه الاعتراضات وهذه التفسيرات المنحرفة لا يمكن
أن تسقط الحق، الله تعالى له الحجة البالغة، ولذلك هذه كلها لا يمكن أن تكون.
الآية وآيات الأمة المسلمة
هنا أيضاً نجد أن هذه الأمة المسلمة عندما يزكيها
رسول الله(ص) إلى الناس، بعد أن يعلمها الكتاب والحكمة، هي التي ستكون الجماعة
الوحيدة التي على هذه المواصفات التي هي لم تشرك بالله طرفة عين ثم جاء التعليم
الكتاب والحكمة عندما يطلقها رسول الله هذه هي التي دون غيرها التي تستحق الولاية
العامة بعد ولاية الله ورسوله، وليست الولاية الخاصة بين المؤمنين، أو ولاية الجد
على الأولاد إذا مات الأب، أو ولاية فلان على ذلك؛ لا، هؤلاء هم الذين، هذه الأمة
الذرية المسلمة هي هكذا.
فإن شئت أن تنسب أن تقول أن هذه الولاية بسبب أنها
الذرية الأمة المسلمة في أعلى درجات الإسلام، لك ذلك، وإن شئت قلت أن هذه الجامعة
هي في أعلى درجات الإسلام وإلا لما كان الله أعطاها الولاية، لك ذلك أيضاً.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد
وآله الأطهار..