أسباب سياسية وراء تباين المواقف من زوجات النبي(ص)
أم المؤمنين عائشة
عائشة بنت أبي بكر:
تزوجها النبي(ص) بعد أشهر من هجرته إلى المدينة بأشهر. وتفردت عائشة عن باقي أزواج النبي(ص) بصفات معينة منها أنها كانت البكر الوحيدة التي تزوجها النبي(ص)، وأنها كانت صغيرة السن، وكانت تتمتع بجمال وذكاء وشخصية قوية، كما كانت ابنة أبي بكر، صديق النبي(ص) منذ ما قبل البعثة الشريفة ومن أول من دخل الدين الجديد، وصار من كبار صحابته(ص).
عائشة والنبي(ص):
يبدو أن هذه الأسباب جعلت لعائشة طموحاً كبيراً أن تصبح الزوجة الأثيرة لدى النبي(ص)، وهو ما أدى إلى جملة من تجاوزات ذكرتها كتب الحديث والتاريخ، كقضية المغافير المذكورة في الحلقة السابقة، وتظاهرها عليه مع نسائه أن يوسع عليهن النفقة، وأيضاً إلى اعتداد بالنفس حتى إزاء شخص الرسول الكريم(ص) كما يدل عليه قولها يوم نزلت براءتها مما أفك الآفكون. فقد جاء النبي(ص) يبشرها قائلاً: ‹‹الحمد لله، لقد نزلت براءتك يا عائشة››، فأجابته (كما روت هي نفسها): "بحمد الله، لا بحمدك ولا بحمد أصحابك"، وهو أسلوب فج جاف لا يجوز أن يقابل به سيد البشر(ص). أيضاً يوم خاصمته(ص) إلى أبيها فقالت: "يا رسول الله إقصد" (أي إعدل)! فلطمها أبوها وجعل الدم يسيل من أنفها.
عائشة والخلافة:
هذا الطموح أدى بها إلى أن تعمل كل ما في وسعها لكي ترى أباها متربعاً على كرسي الخلافة الإسلامية بعد وفاة النبي(ص). من ذلك ما روى الرواة من أن النبي(ص) ألحّ على نسائه ومن في بيته أن يرسلن في طلب علي(ع)، وكان يسأل عنه باستمرار: ‹‹جاء علي، جاء علي››، فدعت عائشة أباها أبا بكر إلى النبي(ص)، ودعت حفصة أباها عمر، وليس بعيداً ما يذهب إليه البعض، استناداً إلى بعض الروايات، أن عائشة هي التي دفعت أباها للصلاة بالناس عندما ثقل رسول الله(ص) ولم يعد يستطيع الصلاة. وإلا، لو كان النبي(ص) هو الذي أمر أبا بكر بالصلاة لماذا خرج ونحّاه وأتمّ الصلاة بدلاً عنه عندما رآه من الشباك يصلي بالناس إماماً؟ فلعله(ص) خاف من أن تقوم الشبهة بأن يقول الناس طالما أن أبا بكر إمام الصلاة فهو الخليفة، وهو ما حدث بعدها إذ قالوا: "رضيك الله لديننا أما نرضاك لدنيانا". مع أن إمامة الصلاة لا تحتاج إلى مواصفات غير عادية يشترط توفرها في الإمام، بل إن المؤتمين بأبي بكر يرون أن إمامة الصلاة تجوز للبر والفاجر. (من الطريف هنا ما ابتدعه بعض العلماء والمحدثين من أن النبي(ص) عندما نحّى أبا بكر وتقدم هو للصلاة بالناس، على رغم ما به من وجع وثقل، إنما صلى إماماً لأبي بكر فقط، واستمر أبو بكر إماماً للناس، وفي نفس الصلاة، فصار عندنا إمامان لصلاة واحدة!)
عائشة وعثمان ثم قميص عثمان:
واطمأنت عائشة باستخلاف أبيها أبي بكر، ثم صاحبه عمر بن الخطاب من بعده، فإنها لم يؤثر عنها معارضة له قط. ويبدو أنها طمعت أن يستخلف ابن عمها طلحة بن عبيد الله في الشورى العمرية التي جاءت بعثمان بن عفان خليفة ثالث. وإلا ما الذي نقمته من عثمان حتى تعارضه تلك المعارضة الشديدة وتؤلب عليه الناس، داعية إلى قتله، مطلقة عليه إسم اليهودي نعثل، ومخرجة إياه من الملّة بقولها المشهور: "أقتلوا نعثلاً فقد كفر"، ومخرجة قميص رسول الله(ص) إلى الناس وهي تقول: "هذا قميص رسول الله لم يَبْلَ وعثمان أبلى سنّته"؟ لو كان طلب الحق يقف وراء دعوتها إلى إحياء سنة النبي(ص) لما خرجت بعد مقتل عثمان بنفسها لقتال الخليفة المبايع، مبلية ليس فقط سنة النبي(ص) وإنما كتاب الله الذي أمرها أن تقرّ في بيتها ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾، وتطيع ولي الأمر ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾.
لو كان طلب الحق وراء دعوتها إلى قتل عثمان لما غيّرت كلامها بمجرد أن سمعت ببيعة علي(ع). فقد سمعها من حضرها وهي في مكة تقول عن عثمان أولاً: "بُعداً لنعثل وسحقاً" عندما أخبرت بقتله فرحت بمقتله وطمعت أن يكون ابن عمها طلحة هو الخليفة الجديد فقالت: "إيه ذا الإصبع، أما إنهم وجدوا طلحة لها كفواً". ولكن عندما سألت: "من بايع الناس؟" وأجيبت: "علي بن أبي طالب". قالت: "تعسوا تعسوا، لا يردون الأمر في تيم أبداً". وقالت: "والله ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك. ردّوني ردّوني!" فارتدّت إلى مكة وهي تقول: "قُتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبنّ بدمه".
ولو كان طلب الحق وراء ما فعلت، لماذا تآمرت مع طلحة والزبير وهما لم يمضِ على بيعتهما علياً(ع) شهر واحد، فنكثاها مع من نكث، لأنها لا بد وأن كانت سمعت النبي(ص) يقول لعلي(ع): ‹‹ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين››. أم أن هذا الحديث ليس من ضمن ثلثي الدين اللذين أمرنا أن نأخذهما منها؟!
ولو كان طلب الحق وراء ما فعلت، وأن عثمان ضرب عمار بن ياسر وعبدالله بن مسعود وأبا ذر أصحاب رسول الله، لماذا فعلت الشيء ذاته عندما دخلت مع الناكثين إلى البصرة ليفعلوا الأفاعيل بالصحابي عثمان بن حنيف الأنصاري عاملها من قبل علي(ع) فيحبسوه وأصحابه ويضربوه وينتفوا لحيته وشاربه ويستولوا على بيت المال، ولم يتركوا عثماناً وأصحابه إلا بعدما هددهم بأن أخاه سهل بن حنيف سيقتل أهليهم في المدينة، هذا بعد أن قتلوا مائة وعشرين مسلماً من أنصاره؟
ولو كان طلب الحق وراء ما فعلت، ما استمرت بالحرب إلى نهايتها رغم ما رأته من سقوط ألوف المسلمين في أول حرب داخلية بين المسلمين أنفسهم: أفلا تخشى أن تكون من الذين سنّوا سنّة سيئة ستتحمل هي وأصحابها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة؟
وليس هناك مجال لأن يعتذر عنها بشبهة أو غيرها، لأنها سمعت الكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة من أم سلمة أم المؤمنين(رض) (أنظر بعض ما قالته في الحلقة 14 الماضية).
﴿وَقَرْنَ في بُيوتِكُن﴾:
ونصحها آخرون، منهم مالك الأشتر الذي قال لها: "إنك ضعينة رسول الله(ص) وقد أمرك أن تقرّي في بيتك، فإن فعلت فهو خير لك، وإن أبيت إلا أن تأخذي منسأتك وتلقي جلبابك وتبدي للناس شعيراتك قاتلتك حتى أردك إلى بيتك والموضع الذي يرضاه لك ربك".
وصعصعة بن صوحان العبدي، بعد أن كتبت له تطلب منه أن يخذّل الناس عن أمير المؤمنين(ع)، فأجابها: "فإن الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقرّي في بيتك وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك تأمريني أن أصنع خلاف ما أمرني الله به، فأكون صنعت ما أمرك به الله، وصنعتِ أنت ما به أمرني، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك لا جواب له".
وجارية بن قدامة السعدي إذ قال لها: "يا أم المؤمنين، والله لقتل عثمان بن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح، إنه قد كان لك من الله من ستر وحرمة، فهتكت سترك وأبحتِ حرمتك.."
والأحنف بن قيس حين سألها: "يا أم المؤمنين، هل عهد إليك رسول الله هذا المسير؟" قالت: "اللهم لا"، قال: "فهل وجدته في شيء من كتاب الله جلّ ذكره؟" قالت:" ما نقرأ إلا ما تقرأون". قال: "فهل رأيت رسول الله(ص) استعان بشيء من نسائه إذا كان في قلة والمشركون في كثرة؟" قالت: "اللهم لا"، قال:" فإذاً ما هو ذنبنا؟".
حَفظَتْ أربعينَ ألفَ حديثٍ ومِنَ الذِّكرِ آيةً تنساها!
بل إن كل ما حدث لم يجعلها تندم على ما فعلت، فصارت تبكي على فشلها في الفتنة التي أثارتها، وهي تقول: "إلى الله أشكو عقوق أبنائي". وكأنه لم يكفها ما قتل من أبنائها في يوم الجمال الملعون في البصرة.
علي(ع) يرأف ويعفو:
أما أمير المؤمنين(ع) فقد وقف على الجمل الملعون بنفسه وحمى أم المؤمنين من أي أذى محتمل، وجاء بمحمد بن أبي بكر أخيها (وهو ربيبه ومن شيعته) ليقوم برعايتها، وعفا عن أعدائه وأطلق الأسرى، وعلى بعض المرويات أنه(ع) أمر نسوة أن يلبسن زيّ الرجال ويتعممن لِيَسرنَ بعائشة إلى المدينة كي لا يطلع عليها أحد ولا يؤذيها، وبالجملة، لقيت عائشة من علي(ع) ما لا يحلم به أي عدو من عدوه من أقصى درجات العفو والتسامح، ولا غرو فإنها زوجة أعز الناس عنده ولأجل عين ألف عين تكرم.
ولكن هيهات..
ولكن هيهات أن يشفي غلّها من أمير المؤمنين(ع) ما فعلت من الظلم والفتنة، وما أجابها عليه علي(ع) من تجاوز وتسامح، ففرحت يوم جاءها نبأ مقتله وتمثلت بقول الشاعر:
فألقَت عصاها واستقرّ بها النوى كما قُرّ عيناً بالإياب المسافر
فكيف يستقيم هذا مع ادّعاء المدافعين عنها أنها تابت مما فعلت؟
قد قيل تُبتِ وعليٌّ غَمضا فَلِمَ سَجَدتِ الشكرَ لمّا قُبضا؟
‹‹ أنا حرب لمن حاربكم››:
فعلت أم المؤمنين كل هذا مع علي(ع) سيد عترة النبي(ص) مع أنه(ص) قال، وهو ينظر إلى فاطمة وعلي والحسين(ع): ‹‹أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم››. وخيّم(ص) خيمة على الأربعة الطاهرين، كما روي عن أبيها أبي بكر، وقال: "أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، وليّ لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجدّ طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديء المولد". ولكن لعل هذه الأحاديث من الثلث الذي لم تسمعه السيدة عائشة.
عائشة والحسن(ع):
أكثر من ذلك، وبعد عشر سنين من استشهاد علي(ع) استشهد ابنه الحسن(ع) سبط النبي(ص) وريحانته من الدنيا وسيد شباب أهل الجنة، فجاء الهاشميون بجثمانه الطاهر إلى قبر النبي(ص)، وإذا بأم المؤمنين تخرج ثائرة على بغلة وهي تقول: "لا يُدفن في جنب النبي(ص) ولا أحب أن يدخل علي غريب في بيتي!"
وقد حار الناس منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا، كيف يكون حفيد النبي(ص) غريباً عنه ويكون عمر بن الخطاب قريباً بحيث توافق أم المؤمنين عائشة على دفنه في حجرة النبي(ص)! بل هل أن مع البيت هناك قريب أو بعيد؟! فلعل ذلك من ثلثي الدين اللذين لم نفهمهما لحد الآن!
ثم من جعل بيت رسول الله(ص) بيتاً خاصاً لها تدخل فيه من تشاء وتمنع عنه من تشاء؟ ولِمَ ركبتِ البغلَ في يوم الحسن تؤججين نارَ هاتيكَ الفِتَن؟
هل عائشة أفضل نساء الأمة؟:
أما كون عائشة بنت أبي بكر أفضل نساء الأمة كما يؤمن به أهل السنة فهذا ما لا يقوم عليه دليل، بل الدليل على عكسه، فعندما أرادت عائشة وحفصة أن تميلا قلب النبي(ص) عن أم المؤمنين زينب بنت جحش في قصة المغافير المشهورة نزل قوله تعالى لهما يهددهما بتطليقهما منه(ص) وتزويجه نساءً خيراً منهما: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ (التحريم 5). وهذا نص صريح أنه كان في أوساط نساء المسلمين من هنّ خير من أميّ المؤمنين عائشة وحفصة.
((ها هنا الفتنة ها هنا الفتنة)):
أخرج البخاري، الجزء2، كتاب الجهاد والسير، ما جاء في بيوت أزواج النبي(ص)، أن رسول الله(ص) أشار إلى بيت عائشة، وهو على منبره، وقال: ‹‹ها هنا الفتنة، ها هنا الفتنة، ها هنا يطلع قرن الشيطان››. ولا ريب أن هذا الحديث من أعلام نبوته.
ولكن هنا ما يستوجب الحيرة: إذا كان النبي(ص) يقول عن السيدة عائشة أنها مصدر الفتنة (والحديث في صحيح البخاري الذي يعتقدون بصحة جميع ما جاء فيه)، فكيف يقولون إنه(ص) كان يحبها أكثر من غيرها؟ هل يفضّل النبي(ص) من زوجاته من ستكون مصدر الفتنة؟ أخبرونا يا أولي الألباب.
الشيعة ومواقف عائشة من أهل البيت(ع):
بعد هذا الموجز عن مواقف السيدة عائشة من أهل البيت(ع) الذين لا يختلف إثنان من المسلمين في وجوب محبتهم وموالاتهم وتوقيرهم وعدم إيذائهم ولو بالقليل من الأذى، والذين أعلن النبي(ص) في أنه حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم، وأخبر عائشة بالخصوص بأنه من يبغض علياً(ع) فإنه خارج من الإيمان كما ذكرناه أعلاه، وأخبرها بأنه سيد العرب عندما أمرها النبي(ص) أن تدعو له علياً سيد العرب.
هذا ناهيك عن تأميره على الناس في مناسبات شتّى آخرها بيعة الغدير، بل بعدها في حجرته في مرض موته(ص) – بأبي هو وأمي- عندما رفض بعض كبار الصحابة أن يأتوا بالدواة والكتف ليكتبوا كتاب الأمن من الضلال لهذه الأمة، فأمرهم شفاهاً بأوامر ثلاثة منها خلافة علي(ع) له مباشرة، عرفت أم المؤمنين كل هذا، ومع ذلك خرجت تحارب هذا الرجل حرباً لا هوادة فيها، ولم تستمع إلى النصح الذي قدمته لها أم سلمة(رض) ولا غيرها من المسلمين، بل خرجت من بيتها الذي أمرها الله أن تقرّ فيه لا تلوي على شيء، وأثارتها حرباً هي الحرب الأولى بين المسلمين أنفسهم، والتي فيما عدا ما أدت إليه من قتل ثلاثة عشر ألف مسلم، فإنها كانت السنّة السيئة التي سار عليها غيرها منذ الخوارج المارقين ومعاوية بن أبي سفيان وفئته الباغية وإلى يومنا هذا وما سيأتي في المستقبل.
أفلا يحق للشيعة بعد هذا أن يقفوا منها هذا الموقف السلبي؟
هل يرضي الله ورسوله(ص) أن نضع من سالموا من يسالم النبي(ص) من أهل بيته ومن حاربوهم بمستوى واحد؟
هل من العدل أن نرفع من مكانة عائشة بنت أبي بكر التي حاربت علياً، على مكانة أم سلمة التي نصحتها بأن لا تخرج من بيتها ولا تخالف ربها ولا تحارب الإمام المبايع؟
والله إن المنصف لو حكم لقال بأن الشيعة يحبون أمهات المؤمنين أكثر من أهل السنّة، لأنهم يحبون ويتبرأون على أساس ما قمن به من معروف أو منكر، لا على أساس التعصب الذي منشأه سياسي لا يمتّ إلى الدين بصلة.
أمير المؤمنين(ع) وأمير الشعراء يوجزان الأمر:
كيف يراد منا أن نتولى أم المؤمنين عائشة وحالها مع أمير المؤمنين(ع)، الذي نقول بأننا شيعته، هو على ما أوجزه أمير المؤمنين(ع) نفسه بقوله لأهل البصرة:
‹‹وأما فلانة – يعني عائشة- فأدركها رأي النساء، وضِغنٌ غَلا في صدرها كمِرجَل القَين، ولو دُعِيَتْ لِتنال من غيري ما أتَتْ إليًّ لمْ تفعلْ. ولها بعدُ حُرمتُها الأولى، والحسابُ على الله! ››
وأما أمير الشعراء أحمد شوقي (وهو، بالمناسبة، ليس شيعياً!)، فقد أوجز حال أمير المؤمنين(ع) مع عائشة بقوله:
يا جبلاً تأبى الجبال ما حمل ماذا رمت عليك ربّة الجمل
أثأر عثمان الذي شجاها أم غصّةٌ لم يُنتزع شجاها
قضية من دمه تبنيها هبّت لها واستنفرت بنيها
ذلك فتقٌ لم يكن بالبال كيدُ النساء موهنُ الجبال
وإن أم المؤمنين لامرأة وإن تكُ الطاهرة المبرّأة
أخرجها من كنّها وسنّها ما لم يزلْ طولَ المدى من ضغنها
صاحبة الهادي وصاحباه فكيف يمضون لما يأباه
وجاء في الأُسد أبو تراب على متون الضمر العراب
يرجو لصدعِ المؤمنين رأبا وأمهم تدفعهُ وتأبى
والسلام عليك سيدي يا أمير المؤمنين، يا من حملت، من أم المؤمنين ومن غيرها، ما تأبى الجبال حمله.. السلام عليك وعلى زوجتك سيدة نساء العالمين وعلى أولادك الهادين المهديين.. ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾...