بحوث الأمة المسلمة في دعاء إبراهيم وإسماعيل (ع)
الحلقة ح2-1 / الرسول (ص) – أوصافه (ص)
رابط يوتيوب: https://youtu.be/Hx0rXgj2QxU
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله
التسجيل الثالث من قسم تسجيلات الرسول
المبعوث في الأمة المسلمة بدعاء إبراهيم وإسماعيل(ع) هذا التسجيل يتعلق
بأوصافه(ص) ونأخذ آية جميلة، آية جامعة.
(طبعاً ، كما قلنا من قبل، الآيات أمثلة
قليلة مثال أو اثنين من الآيات الكثيرة جداً المنبثة في الكتاب العزيز عن رسول
الله(ص)، ولكن الآيات في جميع هذه الأقسام مما يتعلق بقضية الأمة
المسلمة والرسول المبعوث فيهم. فمثلاً عندما نأخذ آية ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)) (القلم4)، فليس لها علاقة مباشرة، فكأنها
آية لإلفات الناس إلى هذا الخلق العظيم الذي هو عليه؛ ولها علاقة طبعاً بالأمة المسلمة،
كيف لا؟ فذو الخلق العظيم هو الذي يزكّي هذه الأمة المسلمة وليس غيره. لكننا نتكلم
هنا عما يتعلق بموقعيته كما قلنا في صراع الهدى والضلال، بشهادته على الناس، بما
يؤسس للدرجات المختلفة من وجوب طاعته وعدم العصيان، ما يمتد إلى الأمة المسلمة في ذلك لأنه هو الذي أمر بكذا وكذا..)
فهذه الآية آية واحدة سورة الأعراف المباركة
الآية 157 آية جميلة جداً:
((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الامِّيَّ الَّذِي
يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالانْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاغْلالَ
الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)).
فلو نركز على ((الذين يتبعون الرسول النبي
الأمي))ّ وثم ((فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتبّعوا النور))، يعني هذه متعلقة
مع المسلمين ومع من؟ لا نتوقع أن نخاطب غير المسلمين بآيات الأمة المسلمة وإن كانت
الأمة المسلمة هي دعاء إبراهيم وإسماعيل (ع)، ولكن غير المسلمين لا يؤمنون بالقرآن،
فالمسلمون هنا الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ (ص) فالذين آمنوا به هم المسلمون.
هنا حتى في صفته البشرية(ص)
أن له مقاماً خاصاً يندرج في مرجعية عامة من الاتباع والتأسي والنظرة العامة إليه.
ففي الآية الأولى تذكر الرسول ثم النبي، ثم تذكر الأميّ أي الصفة البشرية لرجل من
أهل مكة حيث هي أم القرى ومن الممكن وصف الأمي العرب عموماً أو أهل مكة أو أهل
الحجاز كما وصف الأميين في آيات أخرى.
فإذا ما كانت الصفتان الأوليتان يأتي
منهما صفات ((آمنوا به ونصروه واتبعوا النور الذي أنُزل معه))، يعني صفات الرسول
النبي، قلنا الرسول النبي الأمي، فإذاً صفتا "الرسول" و "النبي"
تأتي معهما في الأخير صفات ((الذين آمنوا به ونصروه واتبّعوا النور الذي أُنزل معه))
وهو القرآن والحكمة وما أنزل معه، فإن الصفة الثالثة الصفة البشرية "الأميّ"
يأتي معها "وعزّروه" أي احترموه.
وهنا التعزير لماذا احترموه؟ لأن التعزير
له ثلاثة معان، الأول هو غير ممكن وهو التأديب، والثاني وهو النصرة والثالث هو
الاحترام، بما أنه جاء بالنصرة منفصلة عن التعزير، ((آمنوا به وعزّروه
ونصروه))، من غير المعقول إذاً عزروه يعني أيضاً نصروه، يكررها! لا يفعل ذلك
القرآن، إذاً عزّروه هنا ليس النصرة، إذاً هي الاحترام.
فإذاً هذه الصفة البشرية أنك لو جلست إلى
رسول الله (ص) وأنت ليس في ذهنك أن تتلقى منه شيئاً من أمور النبوة أو الرسالة، أو
هو جالس وأنت جالس معه تأكلان، كأي اثنين يفعلان ما يفعله غيرهما، أنت إن كنتَ من
المؤمنين به فيجب عليك أن تحترمه، وهذا الاحترام ممتد في جميع الحياة – لأن النصرة
ممكن أن تكون في مقاطع منها فقط، نصرة في حرب ونصرة في موقف، والاتباع أيضاً في
مقاطع منها فقط لأن رسول الله(ص) هو لا يقيم لك واجبات وحتى مستحبات في
كل شيء، هناك أمور مباحة لا تتبعه فيها مهما امتدت الحياة اليومية، الاتباع سيكون
ليس لجميع أمور الحياة، ليس لجميع أحواله، والنصرة كذلك – أما الاحترام فعلى
الدوام، أنت تحترمه في جميع أحواله.
أما الربط مع آيات الأمة المسلمة:
((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي
يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالانْجِيلِ))، هنا نذكر
العلاقة لهذا الرسول بأهل الكتاب الذين هم ضمن ورثة خط إبراهيم(ع)
النصارى واليهود.
الآية تقول لهم: هذا الرسول الذي هو من نسل إبراهيم(ع) الذي أنتم تؤمنون به تجدون
العلم به في كتبكم المقدسة فهو الذي يتوجب أن تتبعوه مهما كانت الصفة في رسالته وفي
نبوته وفي بشريته، تجدونه عندكم تجدون صفاته عندكم مكتوبة، يعني مع العلماء
منكم، إذاً أنتم يجب أن تتبعوه، وهذا الاتباع فيه المصلحة الكبيرة لكم فإنه سيضع
عنكم إصركم والأغلال التي كانت عليكم، مما جعلها الله عليكم عقوبة على ما فعلتم من
قبل. ولهذا وجدنا أن الكثير من أهل الكتاب، ولاسيما اليهود في القرون الأولى بعد
البعثة، لما خضعوا للدليل فإنهم لم يكتفوا باتباع رسالة المصطفى(ص)
ولكن أيضاً باتباع أهل بيته (ع) والذين هم الذرية المسلمة في هذا البحث، لأنه
سنذكر كيف أن هناك في الكتاب المقدس عندهم إشارات إلى الأمة المسلمة الأئمة الاثني
عشر(ع)، ولكن أيضاً هذه الصفة لهذا الرسول عندما يأتي إليه لم يجبره
أحد على أن يتبع هذا الرسول ويؤمن به، فستكون من
المفارقة أن يأتي فيؤمن به ويدخل في دينه ويتبعه ويقول أنا أتبعك في هذا ولا أتبعك
في هذا، لا يجوز هذا، فوجد أن القضية كلها، كل هذه القضية هي مرتبطة ببعض، هذا
الرسول، من بعد الرسول لا بد من أمناء على الرسالة
فآمن بهم بعض اليهود الذين دخلوا إلى هذا، وطبعاً بعض النصارى الذين دخلوا،
وإلى اليوم أيضاً، كل يوم يحصل هذا مع هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بالتوفيق لهذا.
هذه قضية يؤكدها ابن تيمية الحرّاني عنده
كلام معروف في هذا وهو أنه يقول من تشرف من اليهود، من تشرف بالإسلام قال عنهم
أنهم غلطوا إذ اتبعوا الرافضة في إيمانهم بالأمة المسلمة، فهذا طبعاً رأيه، ونحن
نقول بل هؤلاء منّ الله عليهم بهذا لأنهم يعرفون أن إبراهيم وإسماعيل (ع) وبالذات إبراهيم
(ع) لأن اليهود من الخط الإسحاقي أنه لا يتكلم إلا بما هو يستشرف المستقبل بما هو
خط النبوات الذين هم أعلم الناس به.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد
وآله الطاهرين