بحوث الأمة المسلمة في دعاء إبراهيم وإسماعيل ((ع)
الحلقة ح6 / الرسول ((ص))) – المرجعية الرسولية-1 (النص القرآني تلاوة
وبياناً)
رابط يوتيوب: https://youtu.be/6ussL3hF9Ho
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار، الحمد لله
الذي هدانا لهذا وما كنا لنتهدي لو أن هدانا الله.
تسجيلات الرسول(ص)) رقم 8،
الرسول المبعوث في الأمة المسلمة في دعاء إبراهيم وإسماعيل(ع)) ((رَبَّنَا
وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ)).
بعد تسجيلين أحدهما المرجعية المحمدية
بصفته البشرية، الأميّ، وتسجيل المرجعية النبوية بصفته النبي، عندنا ثلاثة تسجيلات
هذه أولها من المرجعية الرسولية.
وهذه المرجعية الرسولية في النص القرآني
تلاوةً وبياناً الذي يأتي بصيغة أطيعوا الله ورسوله، عندنا ثلاثة تعبيرات عن طاعة الرسول(ص)، مثلاً، ((أطيعوا الله
ورسوله)) كما في الأنفال:20، وعندنا ((أطيعوا الله والرسول)) كما في آل عمران:32،
وعندنا ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)) كما في النساء:59.
الطاعة من النوع الأول
((أطيعوا الله ورسوله)) نجد أن رسول الله(ص)) ملحقاً باللّه، ((ورسوله)) يعني نجد
الصفة الرسولية فيه ملحقة بالله تعالى، فربما الطاعة هنا بالتصديق بتبليغ النص
القرآني بنفسه، أي أنكم أطيعوا الرسول فيما يبلغكم به من كلامي.
الطاعة من النوع الثاني
((أطيعوا الله والرسول))، نجده(ص))
مستقلاً أكثر، بدل أن يُلحق بالله تعالى ((ورسوله)) صار ((والرسول)) وحده.
فربما تكون الطاعة هي لبيان النص القرآني
يعني ليس النص لكن كيف يبيّنه كيف يفسره رسول
الله(ص).
الطاعة من النوع الثالث
لا.. هنا صار عنده مساحة من الحرية أكبر ((وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول)) جعل له كلمة
((وأطيعوا)) منفصلة له، جاء بطاعة إضافية، فربما تكون هنا الطاعة مما هو مساحته أكبر من مساحة طاعة ((أطيعوا الله
والرسول)) أي بيان للنص لتفسيره وبيانه ولكن بما يتحرك فيه النص من آفاق، من أعماق،
من أسرار، مما علّمه رسول الله(ص)) من خلال الوحي من خارج القرآن.
فقد كان يوحى إليه من خارج القرآن ومن خلال الحكمة التي نزلت معه لأنه قال ((أنزل
الكتاب والحكمة))، الكتاب والحكمة.
أمثلة على نصوص الأنواع الثلاثة
نصوص الآيات من هذه الآيات نأخذ أربعة
نصوص ونجد كيف أنها تختلف في هذه الحركة، حركة في البلاغ أو حركة في البيان أو
حركة في بيان النص أو حركة مما هو ليس في النص، ليس بوضوح في النص، من الخارج.
1 / المائدة:99 ((مَا عَلَى الرَّسُولِ
إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ)) هنا نجد
كلمة الرسول التي هي من نوع الطاعة الأول، ما على الرسول إلا البلاغ، إذاً
هنا هذا البلاغ بلاغ ولكنه قال البلاغ فقط، لم يقل كما في آيات أخرى تأتي
((البلاغ المبين)). إذاً البلاغ فقط، إذاً هو الذي عليه، واجبه الأول الأصلي هو أن
يبلّغكم هذا النص، هكذا تبدو اللغة من هذه الآية.
فإن قلنا لو أنه قال ((ما على رسول الله..)) يلحق بالله، قال ((ما على
الرسول)) إذاً هي من الطاعة النوع الثاني أيضاً ممكن، عندها يكون البلاغ، ولكن هذا البلاغ ماذا سيكون؟ سيكون البلاغ الذي هو مستوعب للنفسير ولو المبسط،
مفردات الآيات لأنه من الممكن أن تأتي مفردة غريبة الاستعمال عندهم أو كلها
يعلمونها نزلت بلغتهم ولكن الآية بتمامها، مجموع الآيات التي نزلت يعطي فيها
المعنى العام بدون التفاصيل.
2 / آية أخرى اخترتها (طبعاً هذه من آيات
كثيرة، رسول الله في كل القرآن)، آية النساء:13 ((تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) تلك حدود الله ومن
يطع الله ورسوله. قلنا ((من يطع الله ورسوله)) هي الطاعة من النوع الأول التي فيها
حرية التحرك للمرجعية الرسولية بالنطاق الأضيق من الدائرتين الأكبر، فيكون هنا
في دائرة تبليغ النص، وطبعاً تلك حدود الله، هذا الذي تنزل في
النصوص هذه هي حدود الله، أبلّغها لكم.. إنتهى. كما يقول في التشريعات المختلفة في
العبادات في المعاملات في الحدود، فهذا واضح في حدود المرجعية الرسولية هنا.
3/ آية الأحزاب:36 ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا)) هنا أيضاً التعبير ((اللَّهُ وَرَسُولُهُ)) ((إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا))، هنا شيء من التشارك بين المرجعية
الرسولية بنطاقها الضيق وبنطاق التبليغ للنص القرآني، ومع ما يقوم به الرسول
كنتيجة لهذا النص لأنه عندما يقول إذا قضى الله ورسوله أمراً، لو كان في النص
فقط ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا
إِيَّاهُ)) الرسول ليس له علاقة بهذا، لكن هنا ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)) هناك تحرك في واقع المجتمع في واقع
الرسالة في حياة الناس، فلربما فيها شيء من البلاغ الرسولي بهذا القضاء مع تحديد
آلياته ممكن. فإن حصرناها بذات الدائرة الضيقة ((قضى الله ورسوله)) ((أطيعوا
الله ورسوله)) ممكن، وإن توسعنا فيها لأنه يختص بقضاء في أمور الناس أن يكون لهم
الخيرة من أمرهم، هذا ليس ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلا
تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ)) هذا ليس فيه
خيار أصلاً، هذا فيه إعلام لحقيقة واقعة في أخص الأمور العبادية، أما هنا ((إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا)) شيئاً من الأمور، ثم التحذير بأنك ستقع في الضلال إن عصيت الله ورسوله،
إذاً هناك هذا مشترك فيه.
4 / الآية الرابعة والأخيرة هنا سورة العنكبوت:51
((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ)) هنا لا يوجد التعبير ((ورسوله)) التعبير
بالرسالة غير موجود أصلاً بأي نوع من أنواعه، ولكن هذه الآية موضعها في هذا الجزء
من المرجعية الرسولية وهو الطاعة من النوع الأضيق هو قوله تعالى ((انا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ)) هو فقط هذا، إنا أنزلنا عليك الكتاب يُتلى، إذاً أنت تتلوه
عليهم، تتلو عليهم ماذا؟ تتلو النص. إذاً هنا لم تأت بصيغة ورسوله ((أطيعوا
الله ورسوله)) ولكن أكدت على قضية مرجعيته(ص)) في النطاق الأضيق وهو أنه
ينزل عليه النص ويتلوه عليهم، وهذا عظيم كبير لأنه يقول له أولم يكفهم؟ هذا وحده
عظيم لأن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون، هذا رحمة إن شئت هذه آيات القرآن
بتلاوتها بالاستماع إليها هي رحمة تتنزل وبركات تتحرك في أطر خارج فكرة
الميتافيزيقيا التي لا تعلمها كيف تكون، وذكرى لأنك تتذكر النصوص القرآنية وحدها
هي تذكرك بالله سبحانه وتعالى وبدورك في الحياة، بلا تفاصيل أنت تتعلم هذه الأمور،
تذكّرك بالأمور الكلية في علاقتك بالله سبحانه وتعالى.
هذه الآيات وآيات الأمة المسلمة
أخيراً، ما هو الربط بين هذا وآيات الأمة
المسلمة؟ يعني ربط المرجعية الرسولية بنطاقها الملحق بالله تعالى والذي هو تلاوة
النص، ومن الممكن تلاوة النص مع بعض البيان البسيط، هذه الآيات الأربع ماذا عندنا؟
عندنا البلاغ الرسولي للنص ((مَا عَلَى
الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ))، عندنا الحدود ((تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))، عندنا الآية الثالثة القضاء من الرسول وهو في
الحقيقة من الله تعالى لأنه لا يتحرك إلا بالوحي والتعليم الإلهي، زائداً مثيلاتها
مما سيأتي في التفاصيل. هذه كلها تتحرك فيها وهي
تتحرك مع الأمة المسلمة عليهم السلام سواء بسواء وذلك من خلال موقعيتهم التي
أعلنها الرسول المبعوث فيهم، وإلا ما الذي فعل؟ ما الذي استفدناه إذاً من ((يعلمهم
الكتاب والحكمة)) قبل أن يزكيهم إلى الناس؟ إذاً يعلمهم الكتاب والحكمة، ثم عندما
زكّاهم إلى الناس أطلقهم، كما أن الواجب بالطاعة ((أطيعوا الله ورسوله)) واجب
طاعتهم هم بعد أن زكّاهم وقال هؤلاء هم الذي علّمتُهم وهم يعلّمونكم من بعدي.
فهذا القسم الأول من الأقسام الثلاثة، أقسام المرجعية الرسولية وهي التي
تحيط بالرسالة كلها، هو القسم الأضيق في الحركة، البلاغ ونفسه عنده ستجده عند الأمة
المسلمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل(ع) التي هو علّمها وهو فهّمها وهو زكّاها إلى الناس من خلال ما سيأتي منهم
من تلاوة النصوص حتى بعد زمانهم، وجدنا أن أناساً يُسلمون على أيدي الأئمة، يعني
من الخطوة الأولى، كما أن الناس بعضهم لا يتلو القرآن بالشكل الصحيح حتى عندما بدأ
أمير المؤمنين(ع) في العراق عندما أمر أبا الأسود الدؤلي أن يبدأ بعلم
النحو، قال إني أجد فيه لحناً، هناك عندما يقرأون القرآن.. ونجده في هذا الجزء من
الحدود في القضاء الذي هو بهذا ولو بالنطاق الضيق، يقول لك هذه الحدود، أنت يجب أن
تفعل كذا، فنجده متحركاً في الأمة المسلمة كما في الرسول المبعوث فيهم صلوات الله
عليهم أجمعين.
والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً
وظاهراً وباطناً.