ذكرى ميلاد الإمام الرضا (عليه السلام) – 1
***
التهاني والتبريكات
في ذكرى الولادة الميمونة لمولانا أبي الحسن
علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
يوم 11 من شهر ذي القعدة الحرام سنة 148هـ
في المدينة المنورة الطيبة
كل عام وأنتم بخير
***
((( 1 )))
موقعية الإمام الرضا (ع) في الإسلام
وأنا من شروطها *
هذا كان حالهم، لم يكن أحد أو يدعي أنه كان أستاذاً لأحد
منهم، ولم يقل أحد أنه شاهد أياً منهم وهو في مجلس أو حلقة درس أحد آخر سوى أبيه
أو الإمام الذي سبقه.
في هذا رووا حديث الإمام الرضا(ع) الشهير
الذي يقول فيه أنه:
‹‹حدثني أبي موسى
بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي
بن الحسين قال حدثني أبي الحسين قال حدثني أبي علي بن أبي طالب قال حدثني رسول
الله عن جبرائيل عن الله أنه قال: كلمة لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن
عذابي››
والذي سمي
بحديث سلسلة الذهب لأن سنده هو الأعلى كما أن الذهب هو الأعلى بين المعادن.
***
وهنا هذه الكلمة، لا إله إلا اللّه، والتي روي أن رسول
اللّه(ص) قال:
‹‹ما قلت ولا قال
القائلون قبلي مثل لا إله إلا الله››
لا تكون
كلمة في الهواء، ولا تكون كلمة تطلق ثم يجلس الإنسان ليجد أن الإلهام يأتيه فيما
يحتاجه من أحكام شرعية أو من عقائد أو من أخلاقيات،
وإنما هي
المدخل إلى بيت الإسلام وبالتالي يحتاج إلى من يدله على الطريق،
والذي هو
هنا القرآن الكريم ومن عندهم علمه من العترة المباركة.
***
ولذلك قال
الإمام الرضا(ع) بذيل ذلك الحديث: ‹‹بشرطها وشروطها، وأنا من شروطها››،
موجهاً
الناس إلى أن قول كلمة لا إله إلا اللّه تعطي من يقولها صك الأمان من العذاب إذا
كان ذلك بشروطها التي وضعها اللّه سبحانه وتعالى، وذلك بتفعيلها في حياته بجوانبها
كافة؛
وإن ذلك
لا يكون بالطريقة التي يختارها هذا الإنسان بشكل عشوائي كيفما اتفق، وإنما يجب أن
يطرق الباب الصحيح وهو باب العترة النبوية المباركة والتي يعلن مركزيتها الإمام(ع)
في هذا الحديث بقوله: ‹‹وأنا من شروطها››.
* أنزلوهم بأحسن منازل القرآن، الفصل 11
منزلة الدعوة، ص241 (http://return2origins.com/books.aspx)
ذكرى ميلاد الإمام الرضا (عليه السلام) – 2
***
التهاني والتبريكات
في ذكرى الولادة الميمونة لمولانا أبي الحسن
علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
يوم 11 من شهر ذي القعدة الحرام سنة 148هـ
في المدينة المنورة الطيبة
كل عام وأنتم بخير
***
((( 2 )))
إمامة الرضا (ع) من خلال المنظومة الأخلاقية
الإمام الرضا(ع) والتواضع *
ربما يكون من نافلة القول أن نذكر بأن العترة المباركة
تمثلت الأخلاق النبوية والتي هي أخلاق القرآن في كل شيء، ومن ذلك التواضع للّه في
خلقه.
فقد روى المسلمون الروايات الكثيرة في كيفية تعامل هؤلاء
الطاهرين مع الناس صغيرهم وكبيرهم حرّهم وعبدهم، حتى مع الذين لم يكونوا يتمتعون
بالمستوى العقلي مع أن هؤلاء الطاهرين وصلوا إلى القمة في ذلك كله.
من ذلك ما روي عن الإمام علي بن موسى الرضا(ع)
أنه كان إذا تفرغ جمع حشمه كلهم عنده، الصغير والكبير، فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم.
وكان(ع) إذا جلس على المائدة لا يدع صغيراً ولا كبيراً حتى السائس
والحجام إلا أقعده معه على مائدته.
روى بعض أصحابه: كنت مع الرضا(ع) في سفره إلى
خراسان، فدعا يوماً بمائدة له، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جُعلت
فداك، لو عزلت لهؤلاء مائدة؟ فقال:
‹‹مَهْ! إن الرّبّ تبارك وتعالى واحد، والأمّ
واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال››.
فلم ينظر إلى صفاته العليا مقارنة مع أصحاب سفره، بل
وخدمه ومواليه، ولكنه نظر إلى الصفات المشتركة بينه وبينهم: الخالق، والأم، والأب،
ومعيار التقييم عند اللّه تعالى.
إن هذا التواضع هو الذي رفع الإمام(ع) في
قلوب الناس، فإنه ‹‹من تواضع لله رفعه الله››.
وهذا مما يدعو إلى تدبر مثل هذه الأخلاق التي إن انتشرت
في مجتمعنا فإنها تخفف الكثير من الكبر عند الناس والذي لعله أسوأ الخلق بعد الشرك
لقوله تعالى في الحديث القدسي:
‹‹الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني في شيء
منهما قصمته (من نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم)››.
كما تخفف الكثير من الأحقاد التي ربما يشعر بها البعض
تجاه من قد أنعم اللّه تعالى عليهم في الماديات أكثر، أو بسبب سوء المعاملة التي
لا ينبغي أن تكون من مخدوم لخادم أو رئيس لمرؤوس، بل وحتى على مستوى القوات
العسكرية والشرطة وغيرها والتي نجد أن التكبر وعدم التواضع مستشر فيها من المراتب
العليا إلى من دونهم.
ولعل مسألة التواضع هذه ترتبط أيضاً بمسألة
العلاقات الاجتماعية وقبول الناس بعضهم للبعض الآخر في قضايا المجاورة وقضايا
الصداقة والمصاهرة وما إلى ذلك، والتي ينتج عن غيابها أو عن حصول العكس منها من
هذه الأحقاد ومن هذه الحالات النفسية السلبية التي لن تنتهي بالمجتمع إلا أن يكون
مجتمعاً غير متماسك وضعيفاً يمكن اختراقه بأسهل الطرق، كما هو حاصل.
* أنزلوهم بأحسن منازل القرآن، الفصل 9 منزلة
التدبر، ص184 (http://return2origins.com/books.aspx)
ذكرى ميلاد الإمام الرضا (عليه السلام) – 3
***
التهاني والتبريكات
في ذكرى الولادة الميمونة لمولانا أبي الحسن
علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
يوم 11 من شهر ذي القعدة الحرام سنة 148هـ
في المدينة المنورة الطيبة
كل عام وأنتم بخير
***
((( 3 )))
إمامة الرضا (ع) من خلال المنظومة العقدية
الرضا(ع) وتنـزيه الأنبياء(ع) *
عوداً على مسألة تصحيح الاعتقاد في تصحيح تفسير بعض آيات
الكتاب التي اشتبه بها من اشتبه،
نورد ما جاء في أجوبة الإمام الرضا(ع) حيث
صار الحديث في هذه الأمور أوسع في وقته،
كما صار له المجال مفتوحاً للجواب والرد وتصحيح الاعتقاد
والتفسير لاسيما عندما كان مع المأمون العباسي الذي كان من أمره ما هو معروف في
قضية ولاية العهد وإعطائه المجال بحيث ناظره هو وغيره من العلماء والفقهاء والقضاة.
***
ففي عيون أخبار الرضا أخرج عن علي بن الجهم حضوره مجلس
المأمون وعنده الإمام(ع) ومسائل المأمون في الآيات القرآنية التي تخص
الأنبياء(ع).
وهذه مسألة مهمة لا تزال إلى الآن يخطئ فيها البعض في
نسبة المعاصي بل وحتى الجرائم إلى ساحة الأنبياء(ع)،
وكل ذلك كما قلنا بسبب البعد عن المصدر الصحيح، مصدر
الراسخين في العلم وأهل الذكر(ع).
***
فمن بعضها مختصراً أنه سأله(ع) عن معنى قوله تعالى: (﴿فعصى آدم ربه فغوى)﴾ طه:121
أن الرضا(ع) أجاب بأن آدم(ع)
وزوجه لم يقربا الشجرة التي نُهيا عنها ولكن وسوس لهما إبليس وموّه عليهما وطلب
منهما أن يأكلا من غيرها مما كان من جنسها، حالفاً لهما بأن اللّه لم ينههما عن كل
ما وافق تلك الشجرة وما كان من جنسها، فوثقا به لأنهما لم يكونا قبل ذلك يعرفان من
يحلف باللّه كاذباً،
وكان ذلك من آدم قبل النبوة، فلما
اجتباه اللّه وجعله نبياً كان(ع) معصوماً لا يذنب صغيرة ولا كبيرة حيث
قال تعالى بعد ذلك: (﴿ثم اجتباه ربه فتاب عليه فهدى)﴾ طه:122.
***
وعن معنى قوله تعالى: (﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا
أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرنا)﴾ يوسف:110،
أي أن المأمون ظن أن اليأس منسوب إلى الرسل(ع) وهو ما لا يمكن أن يحصل
لأنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون،
أجاب الإمام(ع) بأن اليأس
في الآية لا يتعلق بالنصر الذي وعد اللّه به رسله(ع) وإنما بإيمان
قومهم بهم وتصديق رسالتهم.
***
وسأله عن قوله تعالى: (﴿ولقد همّت به وهمّ بها لولا
أن رأى برهان ربه)﴾ يوسف:24،
فقال الرضا(ع): ‹‹لقد همّت ولولا
أن رأى برهان ربه لَـهَمَّ كما همّت به، لكنه كان معصوماً والمعصوم يَهِمّه الذنب
ولا يأتيه››، أي أن فكرة الذنب تطرق بابه ولكن
يستحيل أن تدخل لأن عصمته(ع) مانعة منعاً تاماً.
* أنزلوهم بأحسن منازل القرآن، الفصل 10
منزلة العمل، ص213 (http://return2origins.com/books.aspx)
ذكرى ميلاد الإمام الرضا (عليه السلام) – 4
***
التهاني والتبريكات
في ذكرى الولادة الميمونة لمولانا أبي الحسن
علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
يوم 11 من شهر ذي القعدة الحرام سنة 148هـ
في المدينة المنورة الطيبة
كل عام وأنتم بخير
***
((( 4 )))
إمامة الرضا (ع) من خلال سائر أقسام الشريعة *
هنا لا نريد أن ننتقص من الجهد الهائل الذي قدمه ويقدمه المسلمون – علماء
وباحثون وغيرهم – من أتباع المذاهب الأخرى في الدعوة إلى القرآن وتبيان خصائصه
ونواحي إعجازه،
ولكننا نعتقد أن الأمن من الضلال هو بلزوم أئمة العترة النبوية الذين إنما
نلزم طريقتهم وننقطع إليهم بخوعاً لأوامر اللّه تعالى الذي هو أعرف بهم وبمنازلهم
التي أنزلهم بها،
فقد نزل الأمر القرآني بطاعة "أولي الأمر"، ولا سبيل إلى تفسير
"أولي الأمر" إلا بهم (ع)،
لأنه من المضحك أن يكونوا هم الحكام، وكلهم ظلمة إلا الشاذ النادر، وحتى
هذا فهو لا يتمتع بالعلم الكافي لإمكانية الطاعة التامة التي تؤمن من الخطأ،
كما أنه من المستحيل أن يكونوا العلماء أو غيرهم، لأنهم مختلفون في كل شيء،
فكيف تتحقق الطاعة مع هذا الاختلاف؟
كما صدع النبي (ص) بالإعلان عن الضمانة من الضلال في حديث الثقلين، القرآن
والعترة المباركة.
***
من نفس الباب، ينصح الإمام الرضا (ع) ابن أبي محمود:
‹‹إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فالزم طريقتنا››،
وهذا ينتج ‹‹فإنه من لزمنا لزمناه››،
وأما من أدبر ‹‹ومن فارقنا فارقناه››،
لأنهم (ع) لا
يجبرون أحداً على اتباعهم، فإنه إذا كان الله تعالى قد أعطى الناس مطلق الحرية في
الاختيار بين أصل الإيمان والكفر، وقال لنبيه (ص) ((لَسْتَ عليهم بمُسَيطِر))،
وقد نوح (ع) من
قبله ((أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟))
فإنهم (ع) على
ذات النهج،
فكان أن رددت
مولاتنا الزهراء (ع) قوم نوح (ع) أعلاه...
وهنا يترك
الإمام الرضا (ع) المجال لمن يريد اتباعهم (ع) وله الجائزة أن يلتزموا هم به،
ومن يريد
مفارقتهم فخسارته عظيمة في مفارقتهم هم (ع) له،
نعوذ بالله من
ذلك.
***
أحيوا
أمرنا
فعلى أتباع
الإمام الرضا (ع) القيام بواجبهم – حسب إمكانياتهم الذهنية والنفسية والحياتية –،
تجاه إخوانهم المسلمين الذين لا يعرفون موقعية
الرضا وآبائه وأبنائه (ع) في الدين،
وحسب توجيهات
الإمام الرضا (ع) نفسه؛
فعندما دعى إلى
إحياء موقعيتهم التي أراد الظالمون إماتتها، بقوله ‹‹أحيوا أمرنا››،
سئل عن الكيفية،
فقال (ع): ‹‹يتعلم علومنا
ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا››،
يتعلم المسلم
الذي يعرف موقعيتهم (ع) في الدين، يتعلم علومهم – من عقيدة وشريعة وأخلاقيات –
وذلك من خلال المصادر الصحيحة، بعيداً عن حدّي الإفراط والتفريط، فلا تنقيص منهم
ولا غلو فيهم (ع)،
ثم ينشرها بين
الناس،
وعندها سيستفيد
منها الذي تجد هذه العلوم أرضاً صالحة للغرس الطيب.
* أنزلوهم بأحسن منازل القرآن، يبقى سؤال:
كيف؟، ص284 (http://return2origins.com/books.aspx)