بحوث الأمة المسلمة في دعاء إبراهيم وإسماعيل (ع)
الحلقة ح2-2 / الرسول (ص) – مكانته في خلق الله
رابط يوتيوب: https://youtu.be/EBlprM7axmY
بسم الله الرحمن وصلى الله على سيدنا محمد وآله الهداة
هذا التسجيل الرابع من تسجيلات الرسول
المبعوث في الأمة المسلمة، من بحوث الأمة المسلمة بدعاء إبراهيم وإسماعيل(ع).
هذا التسجيل (ب): مكانته(ص) في
خلق الله من خلال:
منزلته عند الله، موقعيته في صراع الهدى
والضلال، شهادته على الناس.
نأخذها واحدة واحدة، كل واحدة مع أمثلة
الآيات ننظر في اللغة والربط مع الأمة المسلمة، ثم نأخذ القسم الثاني من هذه
الأقسام ثم القسم الثالث.
1 / منزلته عند الله:
((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ
النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ
أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ
فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)) (آل عمران 81)؛
والآية 40 من سورة الأحزاب نوع آخر من
الآيات ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ
رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا))؛
نوع آخر يبيّن منزلته عند الله ((وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ
الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)) (النساء 64)؛
ثم هناك آيات تصفه بالعبودية ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
إِلَى الْمَسْجِدِ الاقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) (الإسراء 1)،
و ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ
عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)) الفرقان:1،
و ((وَإِن كُنتُمْ
فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن
مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) البقرة:23.
إذا نظرنا إلى هذه الآيات، ثلاثة أنواع من
الآيات تبيّن منزلته عند الله من خلال قضايا مختلفة.
النبيّون كلهم (ع)، الله تعالى أخذ عليهم
الميثاق بعد أن أتمّ عليهم نعمته من الكتاب والحكمة، ثم يأتي الرسول المصدق لما
معكم، ((لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)) أخذ عليهم الميثاق – هذا طبعاً إما
من قبل الخلق أو المقصود ما بعد البعثة يبلغون الإيمان والنصرة، يجب أن يبلّغوا به
يبشّروا به، لا بد أن يبشروا به ويخبروا أممهم لكي تؤمن به الأمم وتنصره، ثم يؤكد
أنه خاتم النبيين، يؤكد أن محمداً(ص) رسول الله وخاتم النبيّين.
ومن ثم نوع آخر من الآيات تبيّن منزلته
عند الله بحيث أن الذي أذنب ذنباً يستغفر في بيته، في الشارع، أين ما يحب، ولكن
الله تعالى يخبره بطريقة ناجحة في جلب المغفرة من الله تعالى: أن يذهب هذا المذنب
إلى عند رسول الله(ص)، هناك في موقعه في مكانه يستغفر الله فيستغفر له الرسول(ص).
الرسول(ص) يمكن أن يستغفر له، يرسل له خبر الرجاء "استغفر لي"، هذا في
الفراش يفعل، وهو يستطيع أن يستغفر هناك في مكانه، ولكن أن يأتي إلى عند رسول الله(ص)
فيستغفر هناك تدل على أهمية المكان الذي فيه رسول الله(ص) بحيث يكون أنجح في الطلب
إلى الله بالمغفرة.
أما آيات العبودية، ذكرت ثلاث آيات، وهناك
أكثر من ذلك، نجد أنه هو الوحيد الذي يسمّى بالعبد يعني ((أسرى بعبده ليلاً من المسجد
الحرام))، هو العبد. ((نزّل الفرقان))، يسمي القرآن الفرقان يعني الذي نزّل
الفرقان يعني نزّل القرآن، يفرق بين الحق والباطل، ((نزّل الفرقان على عبده)) يعني
على النبي(ص). ((وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)) يتحدث عن القرآن يتحدث معهم مع
المشركين، فتصفه بالعبودية.
إذا أردنا أن نربط هذه مع آيات
الأمة المسلمة
التي هي الإطار الذي نتحرك به في تناول
هذه الآيات...
أولاً كونه(ص) النبي الخاتم زائداً الرسول الذي أخذ الميثاق من جميع
النبيين(ع) سواءً قبل الخلق أو عند إرسال كل منهم،
أخذ منهم الميثاق على الإيمان به، فإن هذا يعني بالضرورة أنه(ص) عندما
يزكّي الذرية المسلمة فإنه يزكّيها لسائر الأمم وذلك لهيمنة رسالته (ص) بما أُخذ به
الميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين (ع) من قبله فإنه عندما يزكّي هذه الأمة المسلمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل (ع) فإنه يزكيها
لسائر الأمم، وبالتالي فإن قيادتها للأمة الإسلامية تحصيل حاصل؛ فإذا كانت هذه
أطلقها رسول الله (ص) لجميع الأمم فما بالك بالأمة الإسلامية التي يجب أن تؤمن ولا
تستطيع أن تبيّن مخالفتها لأمره ونهيه.
ثانياً كونه(ص) بلغ المقام الأعلى في العبودية لله...
هذا بحث نشير إليه إشارة سريعة: أنك إذا
نظرت إلى القرآن ستجد أنه عندما يأتي إلى نبي من الأنبياء(ع) ويذكره
بالعبودية يذكر اسمه معه، ((واذكر عبدنا ...))، ((نعم العبد ...))، ((واذكر عبادنا
إبراهيم وإسحق ...))، وعن المسيح بن مريم (ع) يقول ((إن هو إلا عبد أنعمنا عليه))،
يعني يذكر إذا ذكر بالعبودية يذكر اسمه ليبين هذا العبد الذي يقصده هو فلان؛ فقط
عندما يـأتي إلى رسول الله(ص) ممكن أن يذكره بلفظ العبودية من دون أن
يسمّيه، ما عدا مورد أو موردين يذكر المسيح(ع) والتعريف به موجود في
آية أخرى في السياق وفي قضية العبد الصالح مع موسى(ع) والذي هو حالة
أخرى، فقط رسول الله (ص) عندما يصفه بالعبودية لا يذكر اسمه معه. ماذا يدل هذا؟ إنه
تعالى يقول لنا أنه عندما أذكر عبداً من عبادي دون الإسم فقط فإنه هو (ص) لأنه هو
الوحيد الذي وصل إلى الدرجة الأعلى من العبودية لي بحيث هو وحده يستحق هذه المرتبة
العالية، لا يحتاج أن أسميه منهم. وطبعاً درجة العبودية الأعلى لله تعالى تعني أنه
الدرجة الأعلى في الناس، كلما وصلت إلى الدرجة الأعلى في العبودية كلما ارتفعت في
الناس عند الله تعالى.
فكونه بلغ المقام الأعلى في العبودية لله
قرينة على أن الذرية المسلمة(ع) وصلوا إلى ذلك المقام الأعلى، مع وجود
الفارق طبعاً بينه وبينهم مما نعلمه بالضرورة من القرآن، والحديث في هذا المقام
والحال هذه هو ما يجب على جميع الناس العمل بمقتضياته، هذا المقام مقام العبودية
الذي يصل عند الله إلى المقام الذي يكون هو الشاهد والشهيد والنذير والبشير للناس
عند الله تعالى بهذه الموقعية بهذه المنزلة، والعمل بمقتضياتها له وللذرية المسلمة
التي زكّاها للناس، فكما أن الرسول(ص) واجب الطاعة والاتباع فإن الذرية
المسلمة من أهل بيته واجبة الطاعة والاتباع.
2 / منزلته (ص) في صراع الهدى والضلال:
القسم الثاني من هذا من موقعية ما سميته
منزلته في صراع الهدى الضلال، القضية الأساسية هي خط الأنبياء(ع).
من ذلك ما جاء في آل عمران آية 68 ((إِنَّ
أَوْلَى النَّاسِ بِإبراهيم لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ
وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ))،
وقوله ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ
وَإبراهيم وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا
غَلِيظًا)) (الأحزاب 7)،
وفي سورة الفتح 10 ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ
اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ
وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)).
لو نظرنا في النص باللغة التي نفهمها
مباشرة، أولى الناس بإبراهيم(ع)، نستطيع أن نقول أنه يعتبر المؤسس
الثاني لخط الأنبياء (ع) بعد آدم وبعد نوح (ع)، أولى الناس بإبراهيم (ع) الذين
اتبعوه في زمانه وهذا النبي والذين آمنوا. إذاً هذا
الخط الإبراهيمي إضافة إلى الذين اتبعوا إبراهيم (ع)، طبعاً مفروغ منه حق الإتباع
لهذا النبي والذين آمنوا وهي الكلمة العامة للمسلمين.
وأما عندما يأتي إلى الميثاق من أولي العزم
(ع) نجد أنه في الآية 7 من سورة الأحزاب عندما يأتي إلى الأربعة غير رسول الله
يذكرهم، يراقب التتابع الزمني فيذكر نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) حسب
التتابع الزمني، فالمتوقع أن يقول وأخذنا من
النبيين ميثاقهم من نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ومنك يعني تابع لهم، ولكن
لا، جاء به (ص) قبلهم، ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ))، ((وَمِنْ نُوحٍ وَإبراهيم وَمُوسَى وَعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا))؛ هذا الميثاق في المستوى المعين، هذا
الميثاق الغليظ، أولو العزم من الرسل، ضرب التتابع الزمني في حالته فعندما ذكر
رسول الله (ص) جاء به أولاً، ما يدل على أنه
مقدم على أولي العزم (ع) فيكون مقدماً على جميع النبيين (ع) فيكون مقدماً على
جميع الخلق كافة.
وأما آية الفتح ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ
الله))، إنما يبايعون الله حصراً، أنتم لا تتصورون
أنكم تعطون البيعة لرجل منكم أو حتى أنه مقام النبوة عندكم وأنه ممكن أن تتفلتوا
منه، إنما أنتم هنا كنتم تبايعون الله من خلاله، هو الواسطة بينكم وبين الله، هو الصلة
بينكم وبين الله تعالى، ((يد الله فوق أيديهم))، عندما يبايعك (ص) أنت ويصافحك
إنما الله تعالى بالمعنى المجازي وكأنما هو الذي وضع يده فوق أيديهم، ((فمن نكث
فإنما ينكث على نفسه)) هو يخسر، ((ومن أوفى بما عاهد عليه الله)) فإذا أوفى ليس أنه
يوفي إلى رسول الله (ص) بل هو يوفي إلى الله تعالى من خلال رسول الله (ص).
فهذا إذا أردنا أن نربطه مع آيات
الأمة المسلمة نجد فيما يخص إبراهيم واضحة طبعاً فالربط بإبراهيم(ع)
هو صاحب الدعاء الأصلي في الموضوع عندما دعيا هو وإسماعيل(ع) عندما
كانا يبنيان البيت ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا
أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ.. ))، نفس
الذي قلناه قبل قليل أن تقديمه(ص) حتى
على أولي العزم (ع) بلحاظ تقديمه دون مراعاة التسلسل الزمني الذي لاحظه في
الأربعة الآخرين(ع) يعني تقديم عترته
الهادية الذرية المسلمة للاتباع والطاعة من الناس جميعاً لأنه عندما هو يزكيها
فهو يزكيها إلى الناس جميعاً. ولا يزكيها بجزء من مهمته ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً
لِلنَّاسِ)) كما أن
إعطاء البيعة لهم(ع) كما هي له(ص) إنما هي بيعة مع الله
حقيقة لأن منزلتهم من بعده في صراع الهدى والضلال هو هذا، في زمانه هو الفارق
بين الهدى والضلال، من بعده تريد الهدى تتبعهم (ع) هو زكّاهم إلى الناس وصلوا إلى
الدرجة الأعلى من الإسلام، هذه الدرجة التي دعا أن يصل إليها إبراهيم وإسماعيل (ع)،
فإذاً هذا الذي سيكون هم العلم في صراع الهدى والضلال، فمن أوفى لهم ببيعته لهم وببيعة رسول الله (ص) لهم (ع) فسيؤتيه أجراً عظيماً
والذي ينكث إنما يضر نفسه.
3 / الشهادة على الناس:
القسم الثالث هي الشهادة على الناس شهادته(ص)
على الناس –
((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي
وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الامِّيِّ الَّذِي
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) (الأعراف 158)،
وآية أخرى في المقام ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ
بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ
اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا)) (الأحزاب 45-47).
نجد أن الآية الأولى ((قل))، الله تعالى
يقول له ((قل)) كي لا يقولون أنه يتحدث من نفسه، ((يا أيها الناس، الناس جميعاً، ((إني
رسول الله إليكم جميعاً))، رسالتي لا تقتصر على الأميين في مكة، على العرب،.. ((رسول
الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت))، هذه
الجملة الاعتراضية يقول لهم ((رسول الله إليكم جميعاً))، الناس جميعاً، الذي له
ملك السموات والأرض يحيي ويميت، فأنتم خاضعون لهذه الهيمنة من الله سبحانه وتعالى
فعندما يوصي إليكم جميعاً فلا مجال أبدا للتفلت من قبول رسالته، يتحول الخطاب من
يا أيها الناس، يتحول الخطاب من الله تعالى مباشرة ((فآمنوا بالله ورسوله))، أنت
قلت لهم إذاً ماذا تريد، الله تعالى الآن يخاطبكم ((فآمنوا برسوله النبي الأمي))،
وصفه بهذه الصفات الثلاث التي ذكرناها من قبل، الرسول النبي الأمي، فهو رسول الله
إليكم جميعاً، وهو طبعاً النبي لأن لأن الرسالة تتطلب ذلك، وهو الأمي، لا تقولون
أنه ليس لنا في الأميين من سبيل وما لنا وهذا العربي أو هذا المكي أو هذا الحجازي،
لا.. هذا هو آمنوا به، ((يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)).
وأما آية ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)) فواضحة –
شاهداً على الناس تبشرهم وتنذرهم بالثواب والعقاب
بالآخرة شاهداً عليهم كيف صنعوا، ((وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)) يعني هذا الرسول كأنه السراج الذي ينير
الظلمة (صلى الله عليه وآله)، ما يدل على أن كل ما يأتي به، لا كما يقول البعض من
الجهلة أنه لا نحن نأخذ ذلك، (يتحدثون بالمصطلحات التي يحبونها التي ربما بعضهم
يظن أنه سيكون بها يُنظر إليه من علو من عز مكان والقضايا أن هذه ليست هكذا، هذه في
وقته)، لا لا، هذا سراج منير كل ما يأتي به هو ينير لك الطريق، سواء من العقيدة أو
الشريعة، من الواجب ومن المحرم من المستحب وحتى من هديه يعني ما لو أردت أن تتبعه
وتقننه فيما يأكل به من طعام أو شراب فهو سيكون قد اختار الأفضل... هكذا.
الربط مع آيات الأمة المسلمة أن رسالته(ص) للناس
جميعاً فبالتالي إن تزكيته لهم(ع) هي للناس جميعاً لأن وظيفتهم هي وظيفته، ولما كان مقام البلاغ يأتي بمقام الشهادة – فبلغت
بعد ذلك يأتوني الذين بلغتهم كيف فعلوا فأشهد عليهم، نجحوا بنسبة 90%؟ 50%؟ 20% - فإن شهادته(ص) على الناس جميعاً تعني بالضرورة
شهادتهم(ع) على الناس جميعاً، الأمر الذي سنجده في آيات من قبيل
التي يخاطبهم ((لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)) في آيات الأمة
المسلمة التي ستأتي. كما أن وظيفته التي تنقسم
إلى الشهادة البشارة النذارة الدعوة إلى الله القدوة والهادي السراج المنير
شهادة بشارة نذارة الدعوة إلى الله السراج القدوة، هذه الوظيفة ستضطلع بها الأمة المسلمة الذرية المسلمة بأنه من
غير المعقول أن هذه عنده ثم لا تكون من ضمن الكتاب والحكمة التي يعلمها إياهم
ويعلمهم إياها قبل أن يزكيهم؛ قلنا هذه الآية في دعوة إبراهيم هي ما دار عليها
البحث ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ))، إذاً هذه
كلها من ضمن الكتاب والحكمة التي يعلمهم إياها.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على
محمد وآله الهداة.