بعد
18 شهراً (سنة ونصف) من الفيسبوك
(1)
السلبيات (القسم أ)
***
السلبيات
- حجي بله كمرك!
أولها كثرة الكلام على عواهنه، أي دون
دليل، أو الذي لا ينفع بشيء مطلقاً. بل أحياناً الكلام عبارة عن رقاعة ظاهرة، فلعل
الكاتب يجدها ملحة جيدة. هذا يضيع الوقت والجهد.
**
- التسرّع بالنشر
من أشد آفات الفيسبوك التسرع بالنشر،
أحياناً دون التفكير ولو دقيقة واحدة في المكتوب، فيتم النقل مباشرة، في منشور أو
تعليق.
وربما لم يكن النقل بسرعة، ولكن دون
تثبّت من المصدر، فيكون التسرّع بالنقل لأنه لاقى صدى عند القارئ.
ترد الكثير من الأخبار في إيميلات أو
في صفحات فيسبوك، فأذهب للبحث عنها من مصادرها التي سجلت في المنشور أو التعليق،
فلا أجدها. العجيب أنني أعود إلى الناشر فأخبره أن المنشور غير صحيح تماماً، فلا
يلغيه من صفحته!
**
- الشتم وصولاً إلى النيل من الأعراض
من المؤسف أن البعض لا يجد رداً على
ما لا يعجبه سوى الشتائم، وهذا لا يمكن أن يكون إلا تنفيساً عن إحساسه أنه حصر في
الزاوية بالدليل المنطقي فلا يجد غير إعلاء الصوت بالشتائم أو بخلط الأمور على
بعضها.
ومما يؤسف له أكثر أن التهجم يصل إلى
النيل من العرض، في غياب تام للأخلاق والتقوى ولا احترام النفس، فإن البعض لا يهمه
ما يقول ولا ما يقال فيه.
شخصياً، قمت بمسامحة جميع من تهجم
عليّ وشتمني، ولم ألغ صداقة إلا من تهجم على الآخرين من أصدقاء الصفحة، ولكني لم
أسامح من تعرض إلى العرض فإني دعوت الله أن يفضحه أن في الدنيا أو في الآخرة وأني
غير متنازل عن حقي معه.
إذا كان هذا
تنفيساً للحقد والكراهية فهذا لا ينفع كثيراً – يقول علي (ع): ((لا يكن أفضل ما نلت
في نفسك من دنياك بلوغ لذة أو شفاء غيظ، ولكن إطفاء باطل أو إحياء حق))، فإن شفاء
الغيظ بالشتم حالة وقتية ليس إلا، ولكن تبعاتها باقية.
**
- انتشار الجهل
ليس عجيباً انتشار الجهل على الفيسبوك
لأنه انعكاس للجهل الفاشي في كل مكان، في مجتمعاتنا العربية (حيث النشر باللغة
العربية هنا) وفي غيرها. ولكن العجيب أن يبقى الإنسان متمسكاً بجهله حتى بعد أن
توضح له جهله! فكأنه صار لا يستطيع عن الجهل فكاكاً، بل لعله صار يفتخر بجهله على
طريقة لبيد:
ألا لا يجهَلَنْ أحدٌ علينا**فنجهلُ
فوق جهلِ الجاهلينا!
نعم، البعض تجده قد توقف ولكن دون
إعلان، لأن النفس المتضخمة تمنعه من الاعتراف. لا يهم، المهم تحجيم الجهل المفضي
إلى زيادة الاحتقانات.
المهم هو أن الفيسبوك كما ينشر
المعرفة فإنه ينشر الجهل أيضاً!
**
- انتشار البغضاء
لماذا يبغض الناس غيرهم إلى هذا الحد؟
ما الذي ينتفع به الإنسان من البغض؟ إذا كان تنفيساً عن فكرة في رأسه عنه، أليس
الأفضل أن يمد إليه يد العون كي يقنعه بخطئه؟ ومن قال أن الآخر على خطأ – أليس من
الممكن أن أكون أنا على خطأ، وبالتالي فإن مد الجسور من شأنه أن ينفعني في
النهاية، بينما نسفها سيبقيني في حالة الخطأ والإصرار عليه، وفي هذا خطورة عظيمة
((وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً . ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)).
وهكذا، يقوم الفيسبوك بمد مساحة
البغضاء من خلال بث الإشاعات والأكاذيب وحتى الفتاوى التي تحكم بالتفسيق والتبديع
والتكفير وحتى استحلال الدماء.
**
- خلط الديني بالسياسي بالتجارب الشخصية
هذه السلبية لا يمكن علاجها لأن الناس
يتأثرون بتجاربهم الشخصية، سواء ما وقع لهم لذواتهم أو للعائلة والأقربين والجيران
والأصدقاء والزملاء ومن يعرفون بل ولأهل الحي والمدينة وأبعد منها.
كما أن الديني لم يزل مرتبطاً
بالسياسي منذ قيام الدول في العصور السحيقة، فكيف في عالمنا العربي والإسلامي وقد
تأسست الدول بادعاء حفظ بيضة الإسلام ونشر الإسلام والحكم باسم الدين، الأمر الذي
لا يزال يستغله الحكام الأبعد عن الدين في فكره وأخلاقهم وحياتهم الشخصية... ولكن
"يُعبُر" على الناس.
فكيف إذا اختلط الديني بالسياسي
بارتباط أهل الزي الديني بالسياسيين، إلى درجة العمل المباشر في الحقل السياسي؟
فإذا ما جمعنا هذا مع التجارب الشخصية
المؤلمة، عندها تشيع ثقافة إلقاء الجميع من الآخرين في سلة واحدة، مدانة بالكامل،
وإلقاء الجميع من قوم الشخص في سلة واحدة، مظلومة بالكامل؛ ومن لا يجعلها بالكامل
فهو المنصف من هؤلاء!
هذه المشكلة تتعاظم بعدم معرفة الآخر
نتيجة عدم التواصل معه، فأنى لشخص تربى في مدينة معينة ذات بيئة معينة ولم يلق في
حياته شخصاً من الجانب الآخر – الديني أو المذهبي أو القومي أو العشائري أو
المناطقي أو الطبقي – أنى له الإحساس بما يمر به؟ وأنى له تصديقه في مقالته؟ وهو
ما يزداد سوءاً عندما يشيع من يثق بهم – من حكومة أو مدرسة أو وعاظ وخطباء منابر
أو مثقفين أو حتى من يعرف من بني لحمته – كل نقيصة ومثلبة في الآخر...
الفيسبوك من شأنه أن يعالج هذا، وهو
يفعل جزئياً بإشاعة المعرفة بالآخر، ولكن في نفس الوقت يسهم في تركيز هذه الحالة
الخطأ من خلال إشاعة نقائص الآخر وظلمه مع مظلومية بني جلدتي.
**
- عقدة إيران
ينشأ العرب المشارقة عموماً (العراق
وبلاد الشام والجزيرة العربية) على بغض إيران، وهو ما يسوّغ بالإطار القومي
التاريخي: إيران تبغض العرب وبعض رموز العرب لأنهم أسقطوا الامبراطورية الساسانية
قبل 14 قرناً. هذه أعتبرها "عقدة" لأنها تتجاوز المنطق والبحث العلمي
وبالتالي تتحكم فيها العواطف والمشاعر، أي النفس، فيه عقدة نفسية بكل تأكيد.
الفيسبوك مليء بهذه العقدة، بشقيها
السني والشيعي:
السني الناشئ تحت هذا التعليم يعتبر
إيران الشيطان وهي مصدر الشرور (البعض يقول أن بلاد فارس مصدر الشر في العالم!)،
والشيعي يحاول النأي بنفسه عن إيران ومناقشتها خشية الاتهام بالطائفية، لأن إيران
اليوم شيعية.
الاحتقان والاستقطابات صارت من الشدة
بعد دخول القوى الإقليمية الكبرى في مرحلة كسر العظم، بعد الاصطفافات الواضحة
لهؤلاء وهؤلاء، وهذا أثر على الفيسبوك بشكل صارخ.
طبعاً، يتداخل في "عقدة
إيران" الجهل والبغضاء وسوء الخلق وما شئت من عيوب الفيسبوك، ولكنها تنفع
الكثيرين في استخدامها برقعاً للهجوم الطائفي والمذهبي، يحولونها إلى قومي عنصري
لأن الشيعي العربي يعيش عقدة إيران من خلال خوفه من التهمة بالعمالة وخيانة
القومية العربية، لهذا تقرأ كثيراً عن "إخوتنا الشيعة العرب يختلفون"
وبعدها بجملتين تقرأ الهجوم الشامل على الشيعة كلهم!
هذا ينتج عنه أحياناً أن الشيعي يمارس
نفس الدور: "ليس كل إخوتنا السنة دواعش" وبعد قليل لا يبقي نقيصة إلا
وألحقها بأهل السنة أجمعين!
هذه العقدة لا حل لها.
**
- الطائفية
هذه صارت من أوضح عناوين نقاشات
الفيسبوك، وهي تختلف عن "المذهبية" التي هي نقاش حول المذهب العقدي
الديني – مذهب أهل السنة ومذهب الشيعة الاثني عشرية ومذهب الزيدية –، فهو نقاش بين
الطائفة السنية والطائفة الشيعية والطائفة الوهابية التي تريد أن تركب أهل السنة
في مركبها وتتكلم باسمهم.
تداخل النقاش المذهبي العلمي مع
النقاش الطائفي العلمي أيضاً مع النقاش غير العلمي، بل "الجهلي" إن صح
الوصف، وفي إطار غياب التقوى وغياب تغليب المصلحة العامة.
وإلا، ما الذي يجعل حصول الحالات
التالية؟
+ الشيعي العراقي يؤيد حكم البعث
السوري الدكتاتوري وهو الذي ذاق ظلم نظيره العراقي؟
+ ما يقابله من السكوت السني عما جرى
على العراقيين – الشيعة بالخصوص – في العراق في الوقت الذي تظهر المعاداة الكاملة
لحكم البعث السوري؟
+ إنقلاب سورية بشار الأسد من الداعم
للمقاومة "الشريفة" إلى الشر المطلق؟
+ تغيير وجهة العداء من الأمريكان –
المحتلين الغزاة الذين يريدون تدمير العراق لمصلحة الصهاينة وسرقة الآثار والنفط
الخ – إلى الروس والسكوت عن الأمريكان في سورية؟
+ الروس الذين لم يغدروا بحلفائهم
صاروا الشيطان لأنهم ساندوا الحكم السوري، بينما الأمريكان الذين لم يبقوا حليفاً
خارج الناتو وإسرائيل إلا وغدروا به، ويمتصون دماءنا في كل لحظة، صار يطلب منهم
"الوقوف في سورية وقفة لله" حسب قول مرجع سني كبير في خطبة الجمعة!
+ السكوت الشيعي عن التدخل الإيراني
السافر في العراق في نفس الوقت التشكي من أي تدخل تركي؟
+ ما يقابله من الصراخ السني على
التدخل الإيراني الفارسي مقابل السكوت عن التدخل التركي؟
+ الوقوف السني مع التحرك الشعبي
الليبي ضد القذافي والمماثل له في اليمن والوقوف ضد التحرك الشعبي البحراني، مع أن
التحركات الثلاثة حصلت في أسبوع واحد (البحرين 14، ليبيا 17، اليمن 20 شباط/فبراير
2011)!
+ إتهام أي مسؤول عراقي سني من قبل
الشيعة أنه طائفي والآن داعشي حتى لأنه يعترض على أو يشتكي من ممارسات القوى
الشيعية في المناطق السنية.
+ يقابله اتهام شيعة السلطة من قبل
السنة أنهم عملاء إيران.
+ وصل الأمر إلى السير في ركاب
الوهابية في تهمة حزب الله الذي بيّض وجه العرب والمسلمين وهو يقاتل أخطر أعدائهم،
تهمته بالخيانة وحتى العمالة لإسرائيل!
+ سكوت السنة عن السعودية لأنها معنا،
وسكوت الشيعة عن إيران لأنها معنا.
القائمة طويلة جداً...
**
(يتبع)
بعد
18 شهراً (سنة ونصف) من الفيسبوك
(2)
السلبيات (القسم ب)
***
تتمة السلبيات
- فخاخ أعداء الأمة والإنسانية
هذه مبثوثة في الفيسبوك بشكل أكثر
ذكاء. من أهمها:
+ التهجم المتواصل على علماء الدين
والمرجعيات الدينية الكبيرة، وذلك لأن المرجعيات الدينية هي التي تمنع انزلاق عامة
الناس من الأمة في خطط الأعداء، فهي غيورة على الشريعة، مهما كانت إخفاقاتها
ونواقصها مما نشكل عليه جميعنا؛ وقد أثبتت بحملها الدين الإسلامي للاستعمار الغربي
أن الأمة غير الأمم الأخرى التي خضعت بعضها بشكل كامل وصولاً إلى تغيير لغاتها
وثقافتها الدينية والقومية (كما حصل في إفريقيا وآسيا واستراليا ونيوزيلندا
وأمريكا الشمالية والجنوبية)، فقد كان المسلمون ولا يزالون لا يستطيعون تغيير
هويتهم، لهذا فالهجوم على المرجعيات الدينية التي تحفظ الهوية وتدافع عنها من أول
أولويات الأعداء، ما تجدونه على الفيسبوك واضحاً وضوح الشمس.
+ التهجم المتواصل على أحكام الشريعة
التي فيها قتال أو قوة أو عزة، ومنه الإشكال على الفتوحات الإسلامية وتصويرها على
أنها همجية ووحشية واستعمار، مقابل السكوت التام عما فعله الاستعمار القديم
والحديث.
+ الدعوة إلى الحكمة والموعظة الحسنة
أنها هي الإطار الوحيد للتعامل حتى مع أشد الأعداء وغاصبي الأرض.
+ الهجوم على سنة النبي (صلى الله
عليه وآله) الموجودة في الروايات الحديثية، ومعها الروايات التفسيرية والتاريخية،
ووصفها بصفة "موروث"، تنقيصاً لها للتأثير النفسي بعيد المدى أن هذه من
التاريخ ويجب أن توضع في المتحف... فما هو البديل؟
+ البديل هي حقوق الإنسان التي يأتينا
بها الغرب...
+ ولكن هناك آيات القرآن المنزلة على
النبي (ص) ما لا يتوافق مع المنزل علينا من الأنجلوساكسون؟! بسيطة، نلعب بيهه طوبة
بالتأويل أو التغافل عنها...
+ التهجم على العرب، لا سيما باستخدام
كلمة "أعراب"، للإيحاء أن العرب عبارة عن جماعة من بدو الجاهلية ليس
إلا. والهجوم على العرب بالذات يفضح اليد الصهيونية في القضية، لأن الغرب هو الذي
اعتدى على العرب واحتلهم وعبث ولا يزال في ديارهم وامتص ولا يزال ثرواتهم فلماذا
هذا العداء لهم؟ النظام الغربي – بسياسته وإعلامه – لا يحتقر العرب كما يحتقر
شعوباً أخرى ولكنه يشيع كراهيتهم فلا بد أن هذا من الصراع مع الصهاينة، وإلا
فالعرب يتفاعلون مع الغرب بكل إيجابية كما هو معاش في الواقع.
+ بث كلمات مصلحين وعظماء الغرب
والشرق غير المسلم، فإن كان من المسلمين فمن أمثال ابن خلدون (وسمعته أكبر من حجمه
الحقيقي)، مع أن ما عندنا من القرآن والحديث النبوي وحديث أئمة الهدى (ع) وعلماء
المسلمين عبر العصور ما هو أفضل وأشمل.
+ نشر فظائع الوهابية الهمج ونسبتها
إلى الإسلام كله.
+ نشر هذه الفظائع ونسبتها إلى الدين.
فخاخ كثيرة خطيرة عميقة...
**
- التجسس
هذا معروف من أعمال المخابرات العالمية في الدخول على مواقع التواصل
الاجتماعي لاستحصال البيانات والتوجهات.
ولكنه مما يعجب له الإنسان ترك الباب مفتوحاً للهمج الوهابية من داعش
ثم لا يزال الكثيرون من المغفلين يقبلون أن الغرب يحارب داعش!
(صعد عدد المغردين في تويتر في السنة الأولى بعد احتلال داعش للموصل
من داعش وأنصارها من 40 ألفاً إلى 70 ألفاً إلى 90 ألفاً في اليوم الواحد – وتويتر
لا يديره المسلمون ولا سنة النبي (ص) ولا العرب! وعليه، فالفيسبوك هو الآخر وسط
كبير لهؤلاء الهمج.)
وهناك الإبلاغات. شخصياً أخبرتني إدارة فيسبوك مرة واحدة أن هناك
إبلاغاً ضدي من صورة نشرتها فيها أعلام فلسطين وأعلام حزب الله، لكنهم قرروا أنها
لا تخالف قوانينهم فلم يتخذوا إجراء ضدي. الحمد لله فيسبوك أكثر غيرة على الأرض
العربية من مجلس التعاون الخليجي!
**
- غياب الإنسانية
تفجير في منطقة شيعية فلا يهم السني، وتفجير في منطقة سنية فلا يهم
الشيعي.
الشيعي يتعاطف مع المسيحي الذي تهجره داعش بينما السني ساكت لأنه لا
يريد النيل من داعش لأنها "معنا".
أطفال يقتلون أمام أهليهم فلا يهم إذا كانوا من الطائفة الأخرى، ولكن
إذا كانوا من طائفتي فإني أنشر الصور وأبكي لأستدرج التعليقات والشتائم والكراهية
ضد الآخر.
تهجير ونزوح كبير لأهالي الفلوجة والرمادي فتجد بعض الشيعة يتهمونهم
بالتعاون مع داعش والقاعدة من قبل وبالتالي فيطُبهُم مرض!
وهكذا.
**
- العناد
العناد
ثم العناد ثم العناد، هذا منتشر في كل مكان وفي كافة المواضيع...
أسبابه:
(1) سوء فهم / يعاند لأنه لا يفهم
(2) سواد القلب / يعاند لأنه يبغضك بعد أن رسخوا في ذهنه أنك الشيطان
الرجيم، فقد امتلأ قلبه سواداً ضدك، فكيف يوافقك؟
(3) خوف الموافقة / أنت على حق ولكن التوافق ربما يحتاج إلى تقديم
تضحيات، لا داعي لها
(4) حزب الجيس / أسميهم "حزب الكيس" أي الذين يتقاضون
أموالاً للوقوف هذا الموقف أو ذاك، وهذه تجدها أشد ما تكون في السياسة، دفاع
مستميت عن شخصية فاسدة فاشلة مجرمة وفي نفس الوقت هجوم على أعدائها... ولكنها
موجودة في القضايا الدينية، لأن هناك من يستفيد مادياً أو دراسة في جامعة أو يفتح
له المجال للكتابة في وسائل إعلام وغيرها – أي إنه حزب "الدنيا".
هذا العناد يخيب الآمال، بل سيجعل المرء يتوقف عن بذل الجهود لولا أن
القضية أكبر بكثير من هؤلاء المعاندين: إنها قضية مستضعفين ومظلومين وأوطان في
الدنيا ومرضاة الله ودرجات عطائه في الآخرة.
**
- أشد المعاندين
(1) القرآنيون / لا تدري بأي لسان تكلمهم!
تقول لهم: القرآن نفسه يخاطبه (ص) ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس
ما نزّل إليهم)) أي أن النبي (ص) هو المبين للقرآن، فهذا البيان الرسولي لا بد
منه، فهو جزء لا يتجزأ من خطة القرآن، فيعرضون.
تذكرهم بآيات طاعة الرسول (ص)، واتباعه، لا ينفع.
تذكرهم بآيات تهديدية ((ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله
أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً))
فلا يعلقون.
تذكرهم أنهم على حافة النفاق ((وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله
وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا)) فيصدون ويصرون.
هذا يتداخل مع الخطط المعادية لتدمير الأمة دون أدنى شك.
(2) الطائفيون / وضعوا أصابعهم في آذانهم، نشأ على كراهية الآخر، غارق
في الجهل والتجهيل والكتمان والتعتيم، فيأتي إليك بالهجوم والتجريح وبالإشكالات
المضحكة.
(3) المتبرقعون بالقومية فوق الطائفية! / هو طائفي، ولكنه من نوعية
"إني أشعر بالخزي أن أذكر هذه المصطلحات سنة وشيعة التي جاءنا بها
الاحتلال"، وبعد جملتين يخرج منه ما يملأ الجو سموماً طائفية خانقة! فماذا
يفعل؟ إيران الفارسية، الفرس، الصفويين، إلى آخر الاسطوانة، وكم توضح لهم أن هذا
التوجه يدين مواقفهم إذ يتبعون الفرس في أهم شيء وهو علاقتهم بربهم فلا ينفع...
أحياناً أدعوهم إلى الدعوة إلى إقامة نصب للصفوي الذي استطاع تغيير
مذهب الفرس إلى مذهب العرب من آل محمد (ص) – تركي يغير مذهب الفرس، المتعصبين
للمذاهب كما هو معروف، من مذهب أسلافهم كأبي حنيفة رحمه الله إلى مذهب أهل البيت
(ع)، ألا يستحق تماثيل في كل مكان من القوميين العروبيين جداً؟! (لحد الآن لم
يستجب أحد إلى هذه الدعوة لا بالموافقة ولا بالشتائم – يبدو أنهم لا يزالون يفكرون
في الاقتراح!)
(4) المنهزمون / هؤلاء يسيرون في ركاب الغرب وخطته في هزيمتنا
النفسية، أننا متخلفون وحوش لا شيء قدمناه إلى العالم وأن علينا أن نسير حسبما
يخططون ويعلّمون. الفيسبوك مبني على النظام الثنائي (binary)،
وهو فقط 1 و صفر، والصفر اخترعه المسلمون، وكم يستخدمون الكاميرات بعدساتها،
والعدسات علم أسسه الحسن بن الهيثم البصري صاحب الكاميرا الأولى (التي يسقط عليها
الضوء المنعكس من الصورة في ثقب صغير فينطبع بالمقلوب على الحائط أو اللوحة، وبقيت
مستخدمة إلى زماننا إذ التقطنا صوراً للمعاملات تسمى "صور شمسية"
والكاميرا يسمونها "عَكِس" لأنها تقلب الصورة؛ عبقرية متقدمة جداً في
وقتها)، وهذا غيض من فيض، ولكن يأتيك الحمقى فيرددون ما يستمعون إليه فكأن عقولهم
في آذانهم.
هؤلاء المعاندون يضيعون الكثير جداً من الوقت والجهد على الفيسبوك.
**
- قلة التركيز، مواد كثيرة متسارعة
منشورات بالملايين، وكل صفحة تنقلك
إلى صفحات إلى ما لا نهاية، والمواضيع كثيرة، والأحداث في الواقع متسارعة متشابكة،
فالتركيز ضعيف، والتدقيق في المنشورات ضعيف.
هذا يضعف من الاستفادة كثيراً.
ولكن لا نستطيع لوم الفيسبوك لأنه صمم في الأصل (كما يقولون) للتواصل
الاجتماعي من أخبار اجتماعية وسلام ومناسبات وهي لا تحتاج إلى تركيز ولا تدقيق.
**
- الوقت الطويل
(إلى درجة الإدمان كما عبر
صديق الفيسبوك سيد رحيم شذر الموسوي)
أو هو "دوام رسمي" كما عبر أخ آخر.
ولكن ماذا تتوقع وأنت تخاطب العالم كله، بمئات أو آلاف الأصدقاء؟
ولكن يبدو أن البعض عنده القابلية على ضبط تفاعله بحيث تجده لا ينشر
ولا يعلق، فلا تدري أيقرأ أم لا...
تحتاج إلى ضبط حازم يصعب تحقيقه، لا سيما إذا كانت المواضيع ذات
الاهتمام متعددة.
(يتبع)
بعد
18 شهراً (سنة ونصف) من الفيسبوك
(3)
صفحتي المتخصصة
***
أقسام
هذه الصفحة المتخصصة
أذكّر
– وكما هو في تعريف الصفحة – أن هذه الصفحة على الفيسبوك هي صفحة متخصصة، وليست
اجتماعية، وأن مواضيعها تندرج تحت الأقسام الثلاثة التالية:
(1)
تدبر القرآن الكريم
(2)
مذهب أهل البيت (ع)
(3)
القضايا الراهنة على ضوء 1 و 2
أعلاه.
وبالتالي،
فإنه يناسب أن أسجل ملاحظاتي السريعة لكل من الأقسام الثلاثة.
***
(1)
تدبر
القرآن
+ مما
يؤسفني حقاً أنني لم أستطع أن أولي هذا القسم ما يستحقه، والسبب هو التزاحم في
المنشورات من جهة وضعف التفاعل من القراء من جهة أخرى.
أما
التزاحم، فلأن الدعوة إلى الأئمة من آل محمد (ص) تستغرق منشورات كثيرة لاستثمار
مناسبات الولادات والوفيات وغيرها للتعريف بالجوانب المتعددة من موقعيتهم وسيرتهم
(ع). فوق هذا منشورات الأحداث الراهنة المتسارعة.
وأما
ضعف التفاعل، فلأن "التدبر" فيه تدقيق في اللغة والتعبير القرآني من أجل
تلمس المراد من الآية، ويبدو أن هذا لا يجذب الكثير من القراء، وهو مفهوم.
ولا بد
أن نلتفت إلى أن صفحات الفيسبوك كثيرة جداً والقراء يتنقلون بين صفحة وأخرى بسرعة،
والسرعة لا تناسب دقة البحث القرآني، ما يعني أن القارئ سيجد أن عليه صرف وقت ربما
لا يملكه، ناهيك عن المزاج الذي يختلف فيه الناس.
**
+ ولكني
حاولت جعل القرآن إطاراً عاماً للكثير من منشورات القسمين التاليين، ومن ضمنها
القضايا الراهنة، لأن الانطلاق من القرآن أو الاستنتاج منه عند عرض ونقد قضية أو
حالة أو خبر هو الأفضل.
**
+ كما
أن مداخلاتي وتعليقاتي في الصفحات الأخرى كانت مبانيها في أكثر الأحيان قرآنية،
ذكر آيات مع استفادة منها من خلال تدبر سريع لجزئية أو أكثر منها.
**
+ هذا
وإن لم يكن "تدبراً" بالمعنى الحقيقي، ولكنه تمسك بالكتاب العزيز،
التركة الأكبر مما تركه النبي (ص) في الأمة.
**
+ على
أية حال، يستطيع المتابع تلمّس زيادة في الاهتمام بالقرآن، فهماً وليس تلاوة وحسب
كما هو السائد في المجتمعات المسلمة (وما تشجع على تركيزه بعض المؤسسات الإسلامية
ودولها، من خلال مسابقات التلاوة ومسابقات الحفظ، وهو جيد ولكنه في المراتب الدنيا
من مسؤوليتنا تجاه القرآن)؛
فاستفاد
منه البعض في تقوية إيمانه بالله، وفي تركيز فهمه للدين من خلال القرآن إضافة إلى
ما عنده من تعليم أساسي من خلال القرآن والحديث والسيرة،
وانحرف
به آخرون إلى التحلل من اتباع المرجعية الرسولية ومرجعية أولي الأمر (ع) ومرجعية
الفقهاء وحتى مرجعية العقل، وكلها مرجعيات أصّلها القرآن الكريم دون أدنى شك وبكل
وضوح (ما سأبسط البحث فيه في القادم من المنشورات إن شاء الله)،
لأننا
إذا التفتنا إلى القرآن بعد هجرانه فهجرنا المرجعيات الشرعية التي أمر بها القرآن
فنكون قد نقضنا ما غزلنا وكسرنا ما جبرنا!
***
(2)
مذهب
أهل البيت (ع)
+ أهل البيت (ع) هم الثقل الأصغر في تركة النبي (ص)، تركة
جعلها في حزمة واحدة لا تنفك أبداً:
(( يا أيها الناس، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن
تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) (نص صحيح
الترمذي، ونصوص صحيح مسلم وغيره مشابهة).
فالأمن من الضلال لا يحصل إلا بالتمسك
بالاثنين، لهذا تخصصت الصفحة بهما.
كما
أنني رفعت شعار "أحيوا أمرنا"، وهو الحث الشديد من الأئمة (ع)، ونتيجته
((رحم الله من أحيا أمرنا)) دعاء بالرحمة مستجاب قطعاً من الذي اصطفاهم لدينه، فلا
يزهد فيه عاقل – لهذا فهو مما تقر به العين وتطيب له النفس ويهتز له الوجدان.
**
+ لقد
كان المتوقع من أتباع أهل البيت (ع) التفاعل الإيجابي مع المنشور في الصفحة، وقد
حصل، ومن التعليقات على الصفحة وعلى الخاص يبدو أن الاستفادة الكبيرة موجودة،
فالحمد لله رب العالمين.
وطبعاً
هذه ضريبتها لا بد وأن تكون بذل المزيد.
أما
غير أتباع أهل البيت (ع) فكان التفاعل ما بين تعليقات إيجابية بناءة وأخرى تنتقد
بعنف وثالثة تخلط الأمر بالطائفيات والأحداث الراهنة. الكثير من غير الشيعة يقرأون
ولا يشاركون، أي أن تفاعلهم سلبي، المهم أنهم يقرأون – ما أعرفه بطرق مختلفة.
ولكني
أحب أن ألفت انتباههم إلى قولهم أن أهل البيت (ع) ليسوا للشيعة فقط، وعليه فَحَيَّ
على الإقبال عليهم (ع) والتعرف الحقيقي عليهم والاستفادة من علومهم وسيرتهم
الجميلة.
وأما
الشيعة، فلا يتحقق صدق الانتماء إلى بالعمل – العمل بالاتباع والعمل بحسن التعامل
مع الآخرين كل الآخرين. والحمد لله أن الحث على هذا نجده في صفحات الفيسبوك، ومنها
التعليقات على صفحتي من القراء الأعزاء جزاهم الله خيراً.
**
+ ولقد
حاولت تنويع الدعوة إلى أهل البيت (ع)، أسلوباً ومحتوى، عسى أن أكون قد وفقت في
تقديم شيء من الجوانب الملونة في حياتهم – في موقعيتهم ودورهم العظيم في الدين
والحياة، وفي سيرتهم على الرغم من نجاح خط الانحراف في تحجيم إسهامهم في الحياة
على أرض الواقع، وفي ضرورة الالتفات إلى أن المناهج الأخرى أثبتت بكل وضوح أن
نتائجها وبال على الأمة بما نجده اليوم وقبل اليوم ما يستدعي الالتفات إليهم (ع)،
فإن
الله تعالى لا يعلي شأن جماعة من الناس دون سبب، فليست مجاملات للنبي (ص)، ولا أن
النبي (ص) يقدمهم إلى الخلق محاباة لقرابته – والعياذ بالله – فهو أتقى لله من
ذلك، يجب أن يلتفت الناس إلى قوله تعالى ((أأنتم أعلم أم الله؟))
***
(3)
القضايا
الراهنة على ضوء 1 و 2
+ قلت أني
حاولت جعل القرآن العظيم إطاراً عاماً للكثير من المنشورات في القسمين التاليين،
ومن ضمنها القضايا الراهنة، ليس من أجل سد النقص، ولكنه انطلاق من القرآن فعلاً،
أو الاستنتاج منه، عند عرض ونقد قضية أو حالة أو خبر.
**
+ ولأني
أجدني مندفعاً لعمل شيء إزاء الاستقطابات الطائفية المدمرة وإشاعة البغضاء والجهل
بين المسلمين والتدمير المستمر من قبل أعداء الأمة الخارجيين والداخليين، الوهابية
بالخصوص وحلفهم الواضح مع الصهاينة، والذي أدار رؤوس الكثيرين فلم يعودوا يفرقون
بين الأخ والعدو،
فإني
قمت بنشر العديد من المنشورات، بعضها خبر من الإعلام، وبعضها مستفاد كلاً أو جزءاً
من صفحة أحد أصدقاء الفيسبوك، وبعضها إنشاء من عندي لتناول حدث أو التنبيه إلى
المفارقات والتناقضات الهائلة التي نعيشها،
محاولاً
التنويع في الطرح...
**
هذا مع
أن التعرض إلى القضايا الراهنة هو سير في حقل ألغام، لا بد من تجنب التعرض إلى بعض
الأمور لأنها تطيح بالأهداف الأهم منها، لا سيما مع انتشار عدم المعرفة وانتشار
المتربصين الذين يحرفون الكلم عن مواضعه – سواء من المعقدين نفسياً أو المغفلين أو
العاملين ضمن "حزب الجِيس/الكيس".
**
+ وقد
وجدت أن التفاعل مع القضايا السياسية – لا سيما التي فيها "عركات" – أشد
من غيره، فإن مشاركة المنشور على صفحات أخرى أكبر بكثير بعضها إلى ما يزيد على 50
مشاركة، وفي أحدها إلى أكثر من 450 مشاركة! الألوف أو عشرات الألوف يقرأون منشوراً
واحداً، وهذا من عجائب هذه الواسطة – الفيسبوك.
**
+ فتصوروا
لو أن الأصدقاء يشاركون منشورات الثقلين: القرآن وأهل البيت (ع) بنفس الطريقة...
صحيح
أن الإنسان يتفاعل بشكل أشد مع الحال الآني الضاغط عليه فكرياً ونفسياً وبدنياً،
ولكن جذر هذه المشاكل كلها تجدونها في الإعراض عن الثقلين: الكتاب والعترة
الطاهرة، لا شك في هذا، فإنه إخبار من سيد المرسلين (ص) المنزل عليه الكتاب
المبين،
فالتعامل
مع المشكلة في إطارها الأصلي هو الذي يحيط بها وليس بتفاصيلها التي تتغير، ولكن
الأصل هو الثابت.
(يتبع)
بعد
18 شهراً (سنة ونصف) من الفيسبوك
(4)
الخلاصة – تركيز المنشورات
القادمة
***
الخلاصة،
تركيز موضوعي للقادم
***
ذكرت في "السلبيات":
- انتشار الجهل
- انتشار البغضاء
- خلط الديني بالسياسي بالتجارب الشخصية
- الطائفية
- فخاخ أعداء الأمة والإنسانية، ومن أهمها:
التهجم على علماء الدين
التهجم على أحكام الشريعة التي فيها
قتال أو قوة أو عزة
الهجوم على سنة النبي (ص)
التلاعب بآيات القرآن
التهجم على العرب
نشر فظائع الوهابية الهمج ونسبتها إلى
الإسلام.
غياب الإنسانية في التعامل مع
الآخر...
فهذا يستدعي بذل الجهد لمقارعتها،
بالمعرفة الصحيحة، وبالتذكير بالآليات الصحيحة للتفكير والبحث في أي موضوع،
والتذكير بالواجب من الأخلاق الإنسانية والدينية والوطنية عند التعامل مع المواضيع
ومع الناس.
***
+ العناد سيد الموقف!
وكما قلت، أن الملاحظ هو أن
"العناد" سيد الموقف في معظم النقاشات، ومن أهم مصادره هو "الأنا
المتضخّمة" – فمن أنت حتى تعلمني الصحيح؟!
ولو كان العناد فقط عند عدم الاقتناع
حقاً ولم يكن حتى مع الاقتناع بالحقيقة الآتية من الآخر لما كان سائداً إلى هذه
الدرجة، ولكنها الحقيقة المؤسفة التي حدثنا عنها كتاب الله:
((وجَحَدوا بها، واستَيقنَتْها أنفُسُهم،
ظُلماً وعُلُوّاً))
فعلى الرغم من أنهم تيقنوا من أن الحق
كان ما يخبرهم به النبي (ص) فإنهم بقوا جاحدين، وذلك لسببين:
الأول / الظلم – الظلم للنبي (ص)
والدين والحقيقة ذاتها ولأنفسهم ولمن سيظلونهم ممن يستمع إليهم ويثق بهم أو يرتبط
بمصالحه بهم
الثاني / العلوّ – التكبّر، الأنا
المتضخّمة
(وصل بهم الحال أنهم كانوا يأتوا خلسة
بالليل إلى بيت النبي (ص) في مكة ليجلسوا تحت شباكه كي يستمعوا إلى ترتيله القرآن،
علماً منهم أنه فريد متفرد خارج عن طاقة البشر، فهو من عند الله تعالى، فيصبح
الصباح وهم أشد عناداً!)
***
ولكن من يعاند بعد أن اقتنع فإنما يعاند على نفسه، يضر نفسه، وربما
يضر من يثقون به وبالتالي سيحمل وزره ووزر غيره.
من لم يقتنع حقاً فحاله حالي عندما لا أتابعه على ما يقول لأني لم
أقتنع، لا أحكم عليه ولا يحكم علي.
***
+ أين تتوجه الجهود؟
بلحاظ ما يلي:
1- ما أشرت إليه من سلبيات
2- العناد السائد والجماعات التي أتهمها بشدته
3- تفشي المشاعر والمواقف الطائفية في كل شيء
4- أهدافي في الحياة أن أدعو الآخرين إلى الحق والحقيقة
كما أعرفها، فهذا من أعظم القربات إلى الله ومن أعظم ما يمكن أن يقدمه الإنسان
لأخيه الإنسان، في إطار من المحبة للجميع...
فإنه سيكون من المناسب جداً، بل الضروري
تماماً:
أولاً / جذب القراء الأعزاء إلى حلاوة
"تدبر القرآن"، إضافة إلى كونه مما حث عليه القرآن حثاً شديداً.
ثانياً /التركيز في إثبات المرجعيات الشرعية
من القرآن، من أجل تطويق هذه الهجمة ضد الأمة من خلال الهجمة على كتابها ونبيها
(ص) وعلمائها.
ثالثاً / إثبات إمامة أهل البيت (ع) من
القرآن، ما يخرجها من إطار "العركات" الطائفية الحالية والسابقة، (ذلك
أن جميع المسلمين بين أيديهم القرآن (بغض النظر عن هجرانه مع الأسف)، ولكن
غالبيتهم ليس بين أيديهم أهل البيت (ع)، فقد غيبوهم (ع) عنهم، فوجب القيام بالواجب
لأن ((زكاة العلم بذله لمن يستحقه)))، وطبعاً مرجعية أهل البيت (ع) لم تزل في حالة
التعرض إلى الهجوم عبر القرون.
رابعاً / الاستمرار في الكشف على والتحريض ضد
هذه الجماعة المنحرفة، هذه الجماعة "الوهابية" التي لم يمض يوم في الـ
100 سنة الماضية إلا وآذت الإسلام والعرب والمسلمين، حتى وصلت إلى التحالف المخزي
مع ألد أعداء الأمة من غاصبي أرضها ومشردي أهلها.
خامساً / مقاومة التخذيل ضد عزة المؤمنين
وعنفوانهم عن طريق التشكيك، بل التهجم الصريح، ضد تاريخهم وحضارتهم وجهودهم،
والتعكز على ما يجري من جرائم مروعة على أيدي هؤلاء الهمج الوهابية بربطها ببعض
حوادث من تاريخنا المليء بالمخزي كما هو مليء بالمشرّف؛ ويدخل في سياق هذا الجهد
نصرة إخوتنا في فلسطين ضد العدو الذي يتسبب في الكثير إن لم يكن الأكثر مما نحن
فيه من مآس ومصائب.
(وعسى أن نستثمر المناسبات الدينية لبث بعض
المأثور من الأخلاقيات والفكر والقيم العليا والمواقف المشرفة.)
***
+ القرآن هو المصدر
سيكون القرآن الكريم هو المصدر الأساس في هذه
الجهود، ما يعطينا من كنوز هذا الكتاب الفريد، وفي نفس الوقت يلقم الأحجار من
يتفذلك على الناس غير المطلعين بآية من هنا وآية من هناك، جاعلين القرآن عِضِين
مقطع يلبّسون به على الناس ليدخلوا أفكارهم المنحرفة، في سياق الفخاخ المنصوبة لنا
في كل مكان – علموا أم لم يعلموا.
وسأحاول الاستفادة من الموجود في حوزتي من
مقالات ومحاضرات؛
أيضاً الاستفادة من ملف فيه قراءة كاملة
للقرآن مع تأشير الآيات المتعلقة بـ 11 موضوعاً، نشرت البعض منها على الفيسبوك
سابقاً.
والقراءة الكاملة للقرآن تحتاج إلى أعمار،
وبعد أن تنفق الأعمار سيكون هناك الحاجة للتجديد، فلن يحيط بهذا الكتاب المتفرّد
العلماء المتخصصون ولو اجتمعوا فكيف بباحث صغير مثلي غير متخصص.
وحتى ولو أنجزوا قراءة تدبرية كاملة له، فإنه
يتجدد كما أخبرنا الصادق (ع): ((إن القرآن حي لم
يمت، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا
كما يجري على أولنا)).
أو كما قال النبي (ص): ((لا تنقضي عجائبه)).
وكما قال الباقر (ع): ((ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك ماتت الآية لما بقي
من القرآن شيء، ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض)).
***
+ لا يسجنن أحدكم نفسه في سجن الماضين!
وهذه الرواية الأخيرة أسوقها لمن يشكلون
علينا إثارة ما جرى في الماضي، فإن القرآن عندما قص أحداث العهد النبوي وقصص الأمم
قبل الإسلام فلكي يتنبه الصحابة إلى الذي جرى من تلك الأمم وعليها، وكي نتنبه نحن
من بعدهم.
فإن قوله: ((تلك أمة قد خلت لها ما كسبت
وعليها ما اكتسبت ولا تسألون عما كانوا يعملون)) ليس فيها حرف واحد يقول: لا
تبحثوا، لا تنقدوا الماضي؛
ما تقوله الآية "أنتم غير مسؤولين عما
حصل منهم، ولهذا لن تحاسبوا على ما فعلوا".
بل أستطيع القول، مستفيداً من الآية، أنها
تقول لنا:
"لا يسجنن أحدكم نفسه في سجن الماضين،
نتيجة التربية والتنشئة والتعليم، بل ليتخفف من كل هذا، لأنهم مضوا بما لهم وما
عليهم، فلا تحملوا أنفسكم ما حملوا، بل كونوا أنفسكم أنتم، أحراراً فيما تختارون
لأنكم ستحاسبون عليه".
***
نسأل الله التوفيق. والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وآله الأطهار وصحبه الأبرار.
(إنتهى)