بحوث "الأمة المسلمة" في دعاء إبراهيم وإسماعيل
(عليهما السلام)
الحلقة 13 / الذرية الأمة المسلمة – آية المباهلة
(تسجيل 21 من 35)
رابط يوتيوب: https://youtu.be/KnvHRWkKoOA
تلخيص
الحلقة:
من أهم آيات الأمة الذرية
المسلمة هي آية المباهلة، كما أن فيها خصوصية أن هناك إجماعاً على تشخيص أبطالها.
الآية تأتي في سياق ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ
ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ
الْمُمْتَرِينَ)) آل عمران:59-60، ثم تأتي الآية:
((فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ
مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) آل:عمران 61.
الآية في النقاشات بين النبي (ص) ووفد رجال الدين من مسيحيي
نجران حول طبيعة المسيح(ع)، وبعد ثلاثة أيام بقي كلّ على موقفه فنزلت
الآيات تعطي النبي(ص) حُجّة أخيرة ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ
آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ))؛ وأنهم إن استمروا في المحاججة ((فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ
مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ)) أنهِ المباحثات، وادعهم إلى طريقة لفض
النزاع: ((فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ
اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) نجعل الحكم لله تعالى؛ وهي التلاعن بالدعاء أن ينزل
العذاب بالكاذبين.
ماذا صنع رسول الله؟
قال للوفد: ((تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم))، هناك دعوة
للأبناء من هنا والأبناء من هناك، و ((نساءنا ونساءكم))، من عندنا ومن عندكم، و ((أنفسنا
وأنفسكم)) وهو شيء حقيقة غير مفهوم، كيف يدعو الإنسان نفسه؟
((ثم)) نتبهل، مدة إلى أن يجتمع الناس للمباهلة.
*
التزكية إلى الأمة
البيان الرسولي كان في قوله وفي فعله(ص)، بعد أن اجتمع
المسلمون، وكان الوفد واقفاً، جاءت الوجوه الكريمة: رسول الله(ص) يمشي وبيد يحتضن
الحسين(ع)، وبيد يمسك بالحسن(ع) وهو يمشي، وخلفهما فاطمة(ع)،
وخلف فاطمة علي (ع).
وإذا برئيس الوفد المسيحي يقول لأصحابه: "يا معشر
النصارى إني لأرى وُجُوهاً لو شاء اللّه أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا
تباهلوا فتهلكوا".
فتراجعوا، ووصلوا مع النبي (ص) إلى مصالحة معينة.
فماذا كانت ترجمة رسول الله(ص) لهذه الآية
للأبناء والنساء والأنفس؟
أما الأبناء فرسول الله(ص) لم يكن عنده ولد، (أولاد
خديجة(ع) توفوا في مكة وهم رُضّع، وإبراهيم ابن السيدة مارية توفي)،
فجاء بالحسنين(ع) وكان كثرما يقول هؤلاء أبنائي، فهذان كانا يمثلان الأبناء.
وجاء بفاطمة(ع)، لم يأت بواحدة من زوجاته، ولا من أرحامه
ولا من الصحابيات الفضليات، فكانت فاطمة(ع) هي التي تمثل النساء.
الآن: هو(ص) جاء بنفسه، لماذا جاء بعلي(ع)؟
لأن علياً(ع) هو الترجمة الحرفية لكلمة ((أنفسنا))، لماذا يقول ((تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ)) ما معنى ندعو أنفسنا؟ أنا
الذي دعيتك أصلاً وأنا موجود، فإذاً المعنى غريب جداً لا يستخدم، ولكن الله
تعالى استخدمه ليقول لكم ولنا وإلى يوم الدين أن علياً(ع) وصل إلى
منزلة هي الأقرب مما يمكن أن يصلها بشر إلى رسول الله(ص)، أو كأنما عبر
العتبة التي نستطيع أن نقول إذا كان رسول الله(ص) غير موجود نأتي إلى
علي(ع)، لأنه هو يمثله خير تمثيل.
لأنهم (ع) يمثلون الجماعة الطاهرة، الجماعة التي وصلت
إلى أعلى درجات الإسلام الذي طلبه إبراهيم وإسماعيل(ع) فإن رسول الله
(ص) يناظر بها الأمم لأنها لا تُغلب عندما تقف في الابتهال إلى الله تعالى.
*
هذه الآية وآيات الأمة المسلمة
هذه الآية، هذه الحادثة الهائلة، ليست تتطابق وحسب بل هي
متداخلة بكلمة الذرية المسلمة بدعاء إبراهيم وإسماعيل(ع) ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا
أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ))، هذه الأمة التي
أطلقها رسول الله(ص) وزكاها بعد أن تلا عليها آياته وعلمها الكتاب والحكمة.