برنامج تدبر القرآن
المركز الإسلامي في سري، الخميس 01/05/2014
غسان نعمان ماهر السامرائي
مفردات التنزيل
القسم 1 من 5: القرآن والكتاب (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الهداة.
هذه الحلقة الأولى من خمس حلقات تتناول بسط مفردات التنزيل، وهي تتناول القسم الأول من استخدامات مفردة "الكتاب" التي وردت بمعان مختلفة؛ وفي الحلقة الثانية القسم الثاني من مفردة "الكتاب"؛ ويليها ثلاث حلقات نتناول فيهما المفردات التي وصفت التنزيل بأنه: الوحي، الآيات، الروح، النور، الحديث، الفرقان، الذكر، الصحف، الحكمة، الحكم.
(1) معنى "القرآن"
"القرآن" على وزن "فـُعلان"، فهو مثل غـُفران و شُكران، وقد اختلف في معناه:
أ- مشتق من الجذر ق ر ء، أي "قراءة"، أي "جمع الشيء بعضه إلى بعض" / وهذا يصدق عليه لأن آياته يفسر بعضها بعضاً ويصدق بعضها بعضاً
ب- مشتق من ق ر ن، أي "قِران"، أي "ضم الشيء إلى إلى شيء من مثله" أي مقارن له
ولكن أصحاب الرأي الأول يستدلون بالاشتقاق، كما يستدلون بالقرآن نفسه قوله تعالى ((إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)) القيامة:17-18 والآية الأولى واضحة في أن "الجمع" غير "القرآن"، وأما الثانية فإن "قرآنه" متعلق بكلمة "قرأناه" قبلها.
إذاً، "القرآن" هو وعاء الوحي والتنزيل بالشكل الذي ييسر معرفته وذلك عن طريق القراءة، لهذا قرن في العديد من الآيات باللغة العربية.
والقراءة تكون قراءة دون تفكير، أو بتفكير، أو بتدبر، أو أعمق من ذلك، وكلها يصدق عليها قراءة؛ كما هي بالطبع في "التلاوة" في الصلاة وغيرها ((وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ)) النمل:92.
ولا نحتاج أن نطنب في هذا لأنه من الاشتهار والقبول عند المسلمين لما قدمناه.
(2) معاني الكتاب
((( أولاً ))) كتابة أو كلمات مكتوبة:
((فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ))
((وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ))
((إذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)) النمل: 28 .
((( ثانياً ))) الشريعة العامة التي أرادها الله تعالى للخلق، التي ترسم الخطوط العامة – كالتوحيد ونفي الشرك والعدل ومبدأ الجزاء الأخروي – والتفاصيل التي تتسع وتضيق حسب الديانة النازلة في الزمان المعين والمكان المعين:
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
هَا أَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
((( ثالثاً ))) الكتاب السماوي السابق على الإسلام:
(أ) "عموم الكتب السماوية"
وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا
(ب) "التوراة"
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ..)) البقرة: 87 .
((وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) آل عمران: 78 .
(ت) ثم في زمان تال لموسى (ع)
قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
(ث) "الإنجيل"
((قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)) مريم: 30 .
وإن كانت بعض الآيات فرقت بين "الكتاب" و "الإنجيل" و "التوراة" لما قلناه من عموم مفردة "كتاب" للشرائع، ولما يأتي من معان تشير إلى "الكتاب" الأكثر شمولاً؛ من ذلك:
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ
(ج) ما اتفق على أنه "مجموع التوراة والإنجيل"، وذلك في مصطلح "أهل الكتاب"
((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ..)) النساء: 171 .
وهو ما تشمله الملاحظة السابقة.
((( رابعاً ))) القرآن الكريم:
(أ) مفردة "الكتاب" وحدها
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
وهي واضحة في أن "الكتاب المفصل" إنما هو "قرآن يقرأ باللغة العربية".
((وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)) الأنعام: 92 .
بما أنه ((مصدق الذي بين يديه)) و ينذر ((أم القرى)) وهي مكة، فهو القرآن.
وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
وهي واضحة أيضاً؛ كما تجمع بين "الكتاب" الذي أوتوه مع "كتاب الله" المنزل بعده وهو القرآن، لتقول أنه من نفس المصدر ولنفس الغاية ولكنهم نبذوه.
((وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) الأنعام: 155 .
والخطاب إلى من يقرأون "هذا الكتاب" فهو القرآن.
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
و "التلاوة" تشير إلى "القراءة" فهو القرآن.
إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا
والحكم يكون بالقرآن، وإن كان يمكن مع بيانه بالوحي خارجه.
أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
أيضا، خطاب مع المؤمنين بالإسلام، والتفريق عن "الكتاب" الذي آتاه لغيرهم.
وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
وهذه تربط بين "الكتاب" و "القرآن" "القرآن يفصل الكتاب" ما يعني أن "الكتاب" هو كتاب العقيدة والشريعة، أي عموم الشريعة (المذكور في ثانياً) كما الأحكام (خامساً فيما يأتي).
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ
و "التدبر" و "التذكر" لا يحصل إلا لشيء بين أيديهم، فهو القرآن.
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ . قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ
فالآيتان تقول أن "الجن" سموا "القرآن" الذي استمعوا إليه يقرأ من النبي (ص) "كتاباً".
(ب) مفردة "الكتاب" مع الحروف المقطعة أوائل السور:
((الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)) البقرة: 1-2 .
((الـمص ، كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)) الأعراف: 1-2 .
((الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)) هود: 1
((حم . وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ)) الدخان:1-2
وفي مثل هذه الآيات، ربما هناك إشارة إلى رابط ما بين "الحروف المقطعة" ومفردة "الكتاب"؛ وعندها الاحتمال وارد أن "الكتاب" هنا هو "القرآن" لأن من أشهر تفسيرات "الحروف المقطعة" هو أنها تتحدى أن يأتوا بمثل "القرآن" الذي نزل بنفس هذه "الحروف" التي تمثل لغتهم التي يتحدثون بها.
(ت) بيان القرآن + الحكمة:
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ
الربط قبل قليل بين "الحروف المقطعة" و "الكتاب" أنه بمعنى "القرآن" نجده هنا مع إضافة وصف "الحكيم".
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
فهو كتاب "مبين" لما نزل من آياته، مباشرة أو عن طريق الرسول (ص)؛ و "هاء" في "أنزلناه" يتعلق بمفردة "الكتاب" قبله" وعليه فإن "الكتاب" هنا هو "القرآن العربي" في الآية التالية.
وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
فيكون "الكتاب" المنزل من أجل "بيان" ما اختلف فيه + هدى + رحمة. وإن كان يمكن القول أن مفردة "الكتاب" ربما تعني ما هو أشمل من "القرآن" لأن "بيانه (ص)" أشمل من ناحية أبعاد "الحكمة" وجميع ما يندرج تحت ((وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)) الواردة قبل قليل.
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ
وهذه مثل التي سبقتها.
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ
هذه الآية ومثيلاتها – التي تفرق بين "القرآن" و "الكتاب" بواو العطف ستطيح بأي رأي أحادي النظرية، أي أن "الكتاب" هو "القرآن" لا غير، أو أن "الكتاب" ليس "القرآن"، لأنها يمكن أن تعني:
هذه آيات بعضها من القرآن وبعضها من كتاب مبين، أو
هذه آيات القرآن الذي يقرأ، وفي نفس الوقت آيات القرآن الذي هو كتاب مبين لآياته.
((( خامساً ))) أحكام الشريعة الإسلامية:
(أ) الأمر الواجب المفروض من الله تعالى
((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ..)) النساء: 24 .
أي أن هذا هو "الفرض" في هذه القضية.
ويندرج تحته ما هو بصيغة "كُتِبَ عليكم" كما في
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) البقرة:183
((كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)) البقرة:180
((مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)) المائدة:32
(ب) تفاصيل الفريضة الشرعية
((.. وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)) البقرة: 235 .
"الكتاب" هنا هو المدة الزمنية المفروضة شرعاً لعدة المطلقة أو الأرملة قبل إباحة زواجها التالي، وهذا تفصيل من تفاصيل فرائض الزواج والطلاق.
((( سادساً ))) كتاب الكون:
ونعني به جميع ما في الكون، أو الخليقة، ما يمكن تقسيمه إلى:
(أ) أشياء
((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) هود: 6 .
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
فهو إذاً كتاب "لم يفرط في شيء" أي جامع لكل شيء.
(ب) أحداث
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
هذه الآية تقول بوضوح أن كل "حدث" يوصف بأنه "مصيبة"، عامة في الأرض كالحوادث الطبيعية، أو خاصة، في "كتاب" ثبتها الله تعالى فيه "قبل حدوثها"، فهي من نوع الابتلاءات المقصودة، أو من نوع ما يجري نتيجة فعل الناس.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا
فإذا ما أراد الله تعالى أن يقص علينا بعض ما جرى من أحداث، فإن ذلك "الكتاب" قد ثبتها أيضاً، لأن "ذكر" مريم وإبراهيم (ع) إنما هو من الأحداث الماضية، فهو من هذا الكتاب نفسه.
ومن الآيات ما تجمع الأمرين: الأشياء والأحداث
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ / الأنعام:59
وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا
وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
((وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا)) الإسراء: 58 .
فهو إذاً الكتاب الجامع لجميع ما خلق الله تعالى، مما مضى وما سيأتي، وجميع الأحداث التي تحصل لهذا الخلق، وفي أدق التفاصيل.
* مع نقطة إلفات سنتناولها في حلقات "العدل الإلهي" إن شاء الله:
يقول تعالى ((وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ)) – فهذه الأحداث هي ((بعلمه)) الذي هو ((في كتاب))، ولم يقل "بفعله" بمعنى أن الفعل خالصاً لله تعالى، لأن هامش الحرية التي أعطاها للمخلوق موجود مثبت دون شك، ولكنه يختلف حسب الخلق والحدث.
((( سابعاً))) كتاب الزمن:
(أ) المدة المحددة:
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
((وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) الروم: 56 .
((وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ، مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ)) الحجر:4-5 .
((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً ...)) آل عمران:145
وهي واضحة أن "الكتاب" هذا مسجل فيه زمان الأحداث، سواء الإطار الزماني للحياة أو الزمان الذي يستمر فيه مجتمع بالحياة والبقاء، أو كل نفس من إنسان أو غيره.
(ب) المشيئة الإلهية قبل زمان الحدث:
((لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) الأنفال: 68 .
هذا "الكتاب" ليس فقط حدد صفح الله تعالى عما قاموا به، ولكنه كان سابقاً للحدث.
(ت) أوقات أحداث معينة خلال العمر:
((... إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)) النساء:103
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ... أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ...)) البقرة:183-184
((( ثامناً ))) صحائف الأعمال:
(أ) تأكيد الجزاء على الأعمال:
((وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) المؤمنون: 62 .
"كتاب" يسجل كيف عملوا مقارنة بالتكليف الذي لا يتجاوز قدراتهم، فلا ظلم هناك.
وهو ما يأتي بصيغة "كُتب":
وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ / التوبة:121
(ب) عرض الأعمال في الآخرة:
((فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ)) الحاقة: 19
((وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ)) الحاقة:25
فهذا على المستوى الفردي؛ وليس للعرض فقط، ولكن لإقامة الحجة عليه بنفسه:
((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا . اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا))
((كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ، كِتَابٌ مَرْقُومٌ)) المطففين: 7 – 9
((كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ، كِتَابٌ مَرْقُومٌ)) المطففين: 18 – 20
وهذا على مستوى إحصاء الأعمال للقسمين اللذين قسمهما الله تعالى: الأبرار والفجار. مع ملاحظة أن "الكتاب" وصفه بأنه "مرقوم"، فهل هو المقصود أنه "يسجل الأعمال بالأرقام مثل القائمة" أم أنه "مسجل بطريقة رقمية معينة"؟
في اللقاء القادم نكمل مع مفردة "الكتاب" – "الكتاب المبين" و "الكتاب الحفيظ" و "الكتاب المكنون" وأخيراً "أم الكتاب".
والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على نبينا محمد وآله الأطهار.